طبقة الأوزون تتعافى

أظهرت القياسات التي أجراها القمر الصناعي أورا ‏Aura‏ التابع لوكالة ناسا انخفاضاً في كمية الكلور الموجود في ثقب طبقة الأوزون الواقع فوق القارة القطبية ‏الجنوبية وذلك في الفترة بين عام 2005 و2016 ما يُشير إلى أن طبقة الأوزون تتعافى. ‏ حقوق الصورة: كاتي ميرسمان‎/‎مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا

وفقاً لدراسة هي الأولى من نوعها، أشار الباحثون إلى أن الجهود التي بذلها العلماء من أجل إصلاح ثقب طبقة الأوزون ‏فوق القارة القطبية الجنوبية قد أثمرت أخيراً. وقد ركزت هذه الدراسة بشكل مباشر على المواد الكيميائية الضارة بطبقة ‏الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي للأرض. ‏

تعمل طبقة الأوزون على حماية سطح كوكبنا من أشعة الشمس الضارة التي يمكن أن تُسبب أمراضاً عديدة مثل السرطان ‏وإعتام عدسة العين لدى البشر، إضافة إلى ضررها على مُختلف أشكال الحياة على الأرض وفقاً لناسا. وفي أواسط ‏ثمانينيات القرن الماضي، عثر الباحثون على ثقبٍ هائلٍ في طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية وقالوا أن المواد ‏الكيميائية التي يُنتجها البشر والمعروفة باسم مركّبات الكلوروفلوروكاربون ‏chlorofluorocarbons ‎‏ هي السبب ‏الرئيسي وراء تدهورها.‏

هذا وقد أفادت عمليات المراقبة السابقة باستخدام الأقمار الصناعية أن حجم ثقب الأوزون يتغير باستمرار، إذ يزداد ‏وينقص من سنة لأخرى. أما الدراسة الجديدة فهي الأولى من نوعها التي تقيس بشكل مباشر التغيّرات في كمية الكلور. ‏يصف العلماء الكلور بأنه أحد المنتجات الثانوية لمركبّات الكلوروفلوروكاربون وهو المسؤول المباشر والرئيسي عن تآكل ‏طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية وفقاً لبيان صادر عن وكالة ناسا. وقد أظهرت الدراسة أن تآكل طبقة الأوزون ‏قد تراجع بنسبة 20% بسبب الكلور بين عام 2005 و2016. ‏

ركزت الدراسة الجديدة على البيانات الخاصة بطبقة الأوزون والتي جُمعت في الفترة بين عام 2005 و2016 باستخدام ‏أداة سبر انبعاثات موجات الميكرويف في حافة الغلاف الجوي ‏Microwave Limb Sounder (MLS)‎‏ الموجودة على ‏متن القمر الصناعي أورا. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأداة لا تستطيع رصد ذرات الكلور بشكل مباشر، بل تقوم برصد ‏حامض الهيدروكلوريك والذي يتشكّل عندما تتفاعل ذرات الكلور مع غاز الميثان ومن ثمّ ترتبط بذرة الهيدروجين. فعندما ‏تتعرض القارة القطبية الجنوبية لأشعة الشمس المباشرة خلال فصل الصيف في النصف الجنوبي من الكوكب، فإن مركبّات ‏الكلوروفلوروكاربون تتفكك مُنتجة الكلور والذي بدوره يقوم بتفكيك وتحليل ذرات غاز الأوزون في طبقة الأوزون. لكن ‏خلال أشهر الشتاء (بين بداية شهر يوليو وحتى منتصف سبتمبر)، يميل الكلور للارتباط بغاز الميثان “بعد أن يُدمّر جميع ‏ذرات الأوزون” في المنطقة المحيطة به، بحسب بيان ناسا.‏

وتعليقاً على هذا الأمر قالت سوزان ستراهان ‏Susan Strahan، المؤلفة الرئيسية للدراسة وعالمة الغلاف الجوي في ‏مركز غودارد لرحلات الفضاء ‏Goddard Space Flight Center‏ التابع لوكالة ناسا في غرين بيلت، ماريلاند: “بحلول ‏منتصف شهر أكتوبر تبدأ جميع مركّبات الكلور بالتحوّل إلى نوعٍ واحدٍ من الغاز. لذا يمكننا قياس كمية الكلور الإجمالية ‏من خلال قياس نسبة حامض الهيدروكلوريك. ‏

وفي هذا السياق قامت أداة سبر انبعاثات موجات الميكرويف في حافة الغلاف الجوي بمراقبة ثقب الأوزون بشكل يومي ‏خلال فصل الشتاء في النصف الجنوبي لكوكب الأرض. ‏

‏”وخلال هذه الفترة تكون درجات الحرارة في القارة القطبية الجنوبية منخفضة جداً، لذا فإن معدّل الضرر والتآكل في طبقة ‏الأوزون يعتمد بشكل رئيسي على كمية الكلور الموجود فيها، وهذه هي الفترة التي يجب أن نقوم فيها بقياس نسبة التآكل ‏في طبقة الأوزون”، أضافت ستراهان.‏

وبما أن الدراسات السابقة اعتمدت على قياس الحجم الفعلي لثقب الأوزون، فإن الدراسة الجديدة هي الأولى من نوعها التي ‏أشارت بشكل مباشر إلى أن التآكل في طبقة الأوزون ناتج بشكل مباشرٍ عن الانخفاض في كمية الكلور الناتج بدوره عن ‏مركبّات الكلوروفلوروكاربون وفقاً لبيان الوكالة. وقالت ستراهان: “إن نسبة الانخفاض في معدّل تآكل الأوزون والتي ‏بلغت 20% قريبة جداً من الرقم الذي توقّعناه من خلال نموذجنا هذا قياساً إلى معدّل الانخفاض في كمية الكلور في ‏الطبقة”.‏

وأضافت: “من خلال هذه النتائج يمكننا القول بكل ثقة أن التراجع في معدّل تآكل طبقة الأوزون خلال فترة منتصف شهر ‏سبتمبر بحسب بيانات أداة سبر موجات الميكرويف في حافة الغلاف الجوي عائدٌ إلى الانخفاض في مستويات الكلور الناتج ‏عن مركّبات الكلوروفلوروكاربون. بالرغم من هذا كله فإننا لم نشهد بعد أي تراجع ملموس في حجم الثقب نفسه والسبب ‏هو أن حجم ثقب الأوزون يتأثر بشكل رئيسي بدرجات الحرارة في الفترة التالية لمنتصف شهر سبتمبر والتي تتفاوت بشدة ‏من سنة لأخرى”.‏

نُشرت هذه الدراسة بتاريخ 4 يناير في مجلة رسائل البحوث الجيوفيزيائية ‏Geophysical Research Letters‏.‏

المصدر

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.