تأملات في سورة الإنسان

كرم الله سبحانه الانسان فجعله عنوان لاحدى سور القران والتي جاءت في الجزء التاسع والعشرين ‏‏(76) تسبقها سورة القيامة وتليها سورة المرسلات، ثم يبدأ الجزء الثلاثين بسورة النبأ ( ما يسمى بجزء ‏عمّ) . توجد حكمة في ترتيب سور القران وهو ليس موضوعنا هنا؛ فموضوعنا الاساسي الانسان. ‏

قد يكون أحد معاني الانسان : النسيان والمأخوذة من أحد مشتقاتها. ويذكر سبحانه وتعالى” هل أتى ‏على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا” (1) ربما يكون هنا بعضا من المقصود. ثم يتابع ‏سبحانه بقوله ” إنا خلقناه من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا” (2) . فقد خلقه سبحانه من ‏نطفة آدم وحواء ابتلاهما ونسلهم لحكمة أرادها سبحانه وتعالى، فهو قد خلق الارض والسماوات وما ‏بينهما وكل شيء من اجل خير الانسان ؛ فما على الانسان الا أن يشكر الله تعالى على ما اعطاه من ‏نعم: السمع والبصر والخير العميم على وجه الارض ويستغفره ويتوب اليه. ‏

ثم يذكر في الايات التالية تذكيرا تحذيريا لمصير الكافر والمجحد بنعم الله من الاسر والضيق ‏والاكتئاب والعذاب الشديد في الدنيا والاخرة، في آية لا تتجاوز عدد كلماته عن ست كلمات. ثم ‏يستمر بذكر صفات الانسان المؤمن ويؤكد عليها، وجزاه جنة الخلد متكئا على الفرش والوسائد وثمار ‏الشجر في متناول يده ويطوف الخدم باواني من فضة ويشرب الشراب من عين السلسبيل فترى النعيم ‏الذي لا يوصف وسلطان لا يقدر ، وهذا الجزاء تكريما له وجزاء لعمله. ‏

والله سبحانه نزل القران تنزيلا :” إنا نحن نزلنا القرآن تنزيلا” (23) ؛ وبالرغم أن هذه الاية ( وجميع ‏آيات القرآن) موجهة الى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حتى لا يرهقه ويثبته على مواجهة افعال قريش إلا أن على ‏الانسان أن يقرأ القران على مهل وتدبر وتمعن ويعمل بما أمره الله به فلا يهمه ما يقوله الاخرون. وهذا ‏هو السبيل ألى لله عزّ وجلّ بالسجود والتسبيح ويكون الانسان متيقنا ومثبت قلبه على الايمان بالله ‏وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وقضائه وقدره  حيث تكون نيته صادقة فيما يفعل. ‏

قد يقول البعض عن الايات (30-31) :” وما تشاؤون إلا أن يشاء الله، إن الله كان عليما حكيما. ‏يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما”، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يشاء ‏ويختار لمن يشاء له؛ ذلك أن مشيئة الفرد ضمن مشيئة الله تعالى. ‏

أتساءل كيف يشاء الله إذا كنت لا تريد أن تسلط الطريق إلى الله جلّ جلاله. فالله سبحانه أعطاك ‏العقل والسمع والبصر لتميز بين الحق والباطل وتعرف طريق الخير لتسير فيه. ‏

فالعبرة ،هنا، التأمل والتدبر لمعاني هذه الآيات، وجمع الملاحظات اليومية الواقعية بما يمر به الافراد ‏‏( الأناس)، ماذا يحدث لمن يسير في طريق الشر والباطل وكذلك لمن يسير في طريق الخير والحق ‏في آخر أيام كل منهما ولحظة مماتهم. ‏

قد يقول قائل رأيت وعرفت أناسا كانوا سبّاقين الى الخير ولكنهم تألموا وتعذبوا كثيرا قبل وفاتهم، فمنهم ‏ما لبث سوى ايام قليلة ومنهم من بقي عشرات السنين مستلقين على ظهورهم مشلولين او غير قادرين ‏على الحركة وآخرون ساروا طريق الشر لا يتالمون ولا يتعذبون في الدنيا ، فما بال هؤلاء الاقوام؟؟!!!!‏

الله سبحانه وتعالى يعلم كل صغيرة وكبيرة ويعرف ما تكنّ به الصدور وهو عادل يتعامل مع الناس ‏كل منهم تبعا لنياته. فليحاول الانسان قدر امكانه ان يتقي الله في افعاله ونيته ليجازيه الله عليها. ‏

فلنحسن علاقتنا مع ربنا ، الله سبحانه وتعالى، ونأخذ العبرة من الغير ونتعلم ونتعلم وندعو الله عزّ ‏وجل ألاّ يزلّ قدمنا ويثبتنا على طريق الحق لنسير على الصراط المستقيم الى آخر لحظة من عمرنا، ‏والله الموفق،، وعليه نتوكل ونستعين به،، ‏

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.