لا يحق للمرء أن يتشاءم…!‏

لا يحق للمرء أن يتشاءم مهما صادفه من مشاكل، ولا يحق له أن يقنط مهما واجه من ‏إحباطات ومصاعب، بل لا يحق له أن ييأس مهما سدت أمامه النوافذ وأغلقت الأبواب، وما كل ذلك ‏إلا لأن الله سبحانه وتعالى موجود، وهو بيننا يسمع ويرى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ‏وهو أقرب إلى عبده من حبل الوريد، وهذا يعني أن الفرج آت، والخير موجود، والإنسان الخيَر أيضا ‏موجود، ولو نفذ الخير لماتت الناس جوعا وكمدا، ولو نفذ الخير لانتفت الحياة ولم يبق فيها طير ‏طائر، ولا وحش سائر، ولا إنسان عامل، ولا مؤمن عابد.

وصدق رسولنا الكريم عندما قال ” الخير فيَ ‏وفي أمتي إلى يوم القيامه”، وكأنه بحديثه هذا يطمئن المكروبين المحزونين، والفقراء البائسين، ‏والمرضى المتعبين، والمتألمين المهمومين، والضعاف المغلوبين ويقول لهم، مهما صادفكم من مشاكل ‏فلا تقنطوا من رحمة الله لأن الخير موجود، ومهما بغى عليكم الظالم فلا تهنوا ولا تحزنوا لأن الخير ‏موجود، ومهما نفد ما في يدكم من مال ومتاع، فلا تيأسوا لأن الخير موجود، ومهما تآمرت عليكم ‏الدول وأنهكتكم الأعداء فلا تهنوا ولا تحزنوا لأن الخير موجود، ومهما بثت الأعداء بينكم سموم الفرقة ‏والشر والفساد فلا تستسلموا ولا تتخاذلوا، لأن الخير موجود.  وبالتالي، فيا أيها المظلومون والمرضى ‏والمغلوبون والأسرى والمحزونون، لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، واعلموا أن لله ‏جنود السموات والأرض تمشي بينكم وتعرف سركم وعلانيتكم، وحالكم وأحوالكم، فتهب لتمد يد العون ‏لكم من حيث لم تحتسبوا.  إنهم أناس منتشرون في الزوايا وخلف الأبواب، وموجودون وفي كل مكان، ‏هؤلاء الناس هم جنود الله المجهولين يرسلها الله لكم من حيث لم تحتسبوا ودون تخطيط مسبق أو سابق ‏إنذار.

فكم من مرة انقطع الرزق عن فلان وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ثم جاءه الغيث من حيث ‏لا يحتسب، وكم من مرة وقع فلان فريسة مكر الماكرين وظلم الظالمين وجاءه الفرج من حيث لا يدري ‏وفتحت له نوافذ الفرج وأبواب الرجاء، وكم من فلان وقع فريسة للحزن والاكتئاب نتيجة فقدان عزيز أو ‏شيء غال ثمين، فالتقى بطريق الصدفة بإنسان خير صالح فأنزل الله على قلبه السكينة والطمأنينة، ‏وكم من إنسان وقع تحت طائلة المرض وخضع لعمليات جراحية دون أمل بالشفاء، فشفي من مرضه ‏على يد طبيب لم يكن بالحسبان.‏

‏هؤلاء الجنود المجهولون، يرسلهم الله إلينا من حيث لا نحتسب، فيهبون للمساعدة دون أن ‏يطلب منهم أحد.  وهؤلاء الجنود المجهولون هم الناس الخيرون الذين يعملون بصمت، ويعملون بكل ‏وفاء وكفاية وإخلاص.  إنهم كالملائكة التي تتجول بين الناس في الأرض وتسبح الله في السماء ‏مكرسين أنفسهم لعمل الخير فيساعدون المهموم، ويفرجون عن المكروب، ويمدون يد العون للمحتاج، ‏يقومون بعملهم دون أن ينتظروا كلمة شكر أو مدح أو ثناء، وما كل ذلك إلا لأنهم أناس مؤمنون ‏بربهم، مؤمنون برسالتهم، مؤمنون بعمل الخير من أجل الخير.‏

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.