التجارب هي التي تصنع الإنسان

بقلم: قيس عواوده

منذ صغري وحلمي يلوح بالأفق رغم كل الأجواء الضبابية والصعوبات، فقد كان طريقي معروفاً وهو دراسة “الطب البيطري”…وقد تحقق الحلم من خلال الإلتحاق ببرنامج الطب البيطري الذي تطرحه جامعة النجاح الوطنية…وهنا اكتب لكم عن تجربة في الحياة الجامعية.

حياة السكنات

بيئة جديدة … أكثر استقلالية … وافرة التجارب …‏

بعد إلتحاقي بالجامعة وانتهاء المدرسة التي صقلت في ذاتي العديد من المعاني، دخلت مرحلة جديدة في الحياة وهي الجامعة ولكن هذه المرحلة مختلفة كلياً عن المدرسة، فهي تعلمك القيام بالكثير بالأمور بالإعتماد على نفسك  وتغرس فيك فكرة الاستقلالية يوما بعد أخر.

فغدا من الطبيعي فيها ان ‏تشارك غرفة نومك مع طالب آخر لا تعرفة ولا يربطكما شيء سوى ان  كليكما ‏طالب وهنا تكون الفرصة مواتية لان تبني أقوى العلاقات خارج نطاق القرابة و ‏العائلة وهذا ما حصل معي أنا، ولن أسترسل بالحديث عن هذه التجربة الفريدة ‏ومن دخلها يعي ما أقول بشكلٍ جيد .‏

المحاضرات

‏ منذ الحظة الاولى التي وطئت بها قدمي قاعة المحاضرات جال ببالي سؤالُ ‏واحدُ فقط، كم من هذه المحاضرات التي يتوجب علي أن أحضرها لأكمل ‏دراستي الجامعية وأتخرج ؟ لم ألبث كثيرا حينها لأدرك أن ‏هذا الامر مختلف عما اعتقدته والاختلاف الكبير بالنظام التعليمي بينها وبين المدرسة.

وكان المحاضرون بغاية اللطف والتفهم لأسئلتي وأسئلة زملائي، وكان يطلق علينا مصطلح “السنافر” رغم اعجاب الكثيرين بهذا المصطلح ان انني لم احبذه.

الاختلاف في وجهات النظر

هنا دعوني أن أعترف لكم وبكل صدق أن هذه التجربة  تركت الأثر الأكبر على ‏نفسي  من تجاربي الأخرى وذلك ببساطة لأنها  وضعتني في موقف المدافع ‏احيانا عن نفسي والمهاجم للأخرين احيانا اخرى ..

ومع مرور الايام ادركت حقيقة مهمة للغاية وهو ان الاختلاف مع الآخرين بالآراء ووجهات النظر هو امر طبيعي، فعليك تقبل افكارهم وعدم فرض رأيك على الآخرين، فالتصادم خيار خاطئ في حال اختلاف وجهات النظر بل التقبل هو الحل الامثر.

زبعد هذه التجربة جنحت لما أدعوه بالسلام الداخلي الذي أصلح غالب الضرر الذي ‏لحق بي و بعلاقاتي بالآخرين، فالسلام الداخلي هو الحالة الذهنية حينما يدرك الفرد ذاته ويدرك معنى كلمة “اعرف ذاتك أو اعرف نفسك” فإنّ معرفة الإنسان لذاته تغنيه عن العالم الخارجي وتمدّه بالقوة الكافية لمواجهة جميع التحدّيات.

فهمت الامر … ربما استغرقت وقتا لكني فهمته !

ربما تشعرون بالدهشة ان قلت لكم أني احتجت لثلاثة من أصل خمس سنوات من ‏حياتي الجامعية تقريباً لأصل للمرحة التي اعطتني انبطاع كامل عن الجامعة، وتقبل اغلب الامور والاعتياد عليها مثل: فكرة محاضرة الساعة الثامنة صباحاً و أنه لا يجب ‏لي أن أتعدى الحد المسوح له من الغيابات … والعمل بروح الفريق الواحد والنظر إلى الامور بكل ايجابية وتقبل الآخرين رغم اختلافي معهم وهذه التجارب جميعها كان لها اكبر الاثر في بناء ذاتي.‏

انتهاء المرحلة

النهاية والبداية لشيء جديد هذا أجمل ما في الأمر ..‏

وهنا بدأت تطفو على السطح حقيقة أخرى مفادها كما أن لكل شيءٍ بداية له نهايةٌ ‏ايضاً !!‏

اذكر اليوم الذي أنهيت الامتحان الاخير ‏لي، لأضع نقطة النهاية لمئات الامتحانات على مدار خمس سنوات .. لم يكن هذا ‏فحسب بل عدت الى السكن الذي امضيت فيه لمة خمسة سنوات وبدأت بحزم كل شيء ولكن هناك اشياء لم استطع حزمها وتركتها في البيت وهي ذكرياتي وكل زاوية وركن فيه..أغلقت غرفتي وعدت الى منزلي لأبدأ فصل جديد من حياتي…

هذه مقتطفات من تجربتي بالجامعة ومن المؤكد أن لكل واحدٍ منكم قصته الجميلة ‏التي تستحق أن تروى …‏

وهنا اقول لكم: ” أفخروا بتجاربكم لأنها هي ما تصنعكم ‏حتى و أن بدت لكم غير موفقة ” ‏…

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.