هل يضر الضوء الأزرق المنبعث من شاشات LED عينيك؟

حذرت مقالات مختلفة من تقارير صدرت حديثاً عن وكالة الحكومة الفرنسية والتي حدد بها مخاطر الضوء الأزرق المنبعث من الصمامات الثنائية الباعثة للضوء -LED- المستخدمة في الشاشات.

تعتبر هذه العناوين مثيرة للقلق، من حيث اعتمادها على كل من؛ تاريخ اليوم وإعدادات الهاتف أو جهاز الحاسوب. عيناك الآن معرضة لخطر حقيقي من الضوء الأزرق.

حيث تعتبر كل من الصمامات الثنائية الباعثة للضوء -LED- و ثنائيات الانبعاث الخفيف، الأضخم شهرة. فهي الأكثر طاقة وفاعلية من الإضاءة التقليدية وهي أرخص بنسبة 90% مما كانت عليه في العقود الماضية. إن جميع الشاشات التي تحتوي -LED- تبعث ضوءاً أزرق، كما في العديد من المكاتب والمنازل.

لقد اخمدت الأخبار الصحافية -في فرنسا- من قبل الوكالة بما يتعلق بالطعام والبيئة والصحة المهنية والسلامة بشكل رهيب. قد ادّعى كتّاب تلك التقارير أن أعمالهم “تؤكد سمية الضوء الأزرق على شبكية العين” كما عرضوا قدرة الضوء الأزرق على جعل النوم مضطرباً، حيث أن له صلة بايقاعه البيولوجي. ولم يقتصر على ذلك، بل أضافوا أن للضوء الأزرق الصادر عن شاشات -LED- أضرار بيئية أيضاً.

يا رجل، الخطر موجود في كل مكان، و بارز أيضآ وسيظهر. وحتى ذلك الحين لو تمعنت قليلاً لوجدت إشارة للارتياح. ما أصابت به التقارير هو أن للضوء الأزرق آثاراً على أجسامنا والبيئة. لكن الأضرار التي تقع على عين المستخدم للشاشة تعتبر جدياً مبالغاً بها. سواء من قبل تقارير الوكالة نفسها أو أخبار الصحافة أو عناوين الأخبار التي تبعتها. لذا هيا بنا لكسر القاعدة.

ما هو الضوء الأزرق؟

يتكون الضوء الأزرق من ضوء يظهر ضمن الطيف المرئي الطبيعي، ويقع ضمن أقصر الأطوال الموجية التي نستطيع رؤيتها، أي ما بين 400 و 500 نانو متر. على نفس السياق، فإن الضوء الأحمر يقع بين 635 و 700 نانو متر.

عندما ينعكس الضوء الأزرق على السطح نستطيع حينها تمييزه – أي ذلك تماماً ما يعنيه اسمه -. و يتكون الضوء الأبيض من عدة اطوال موجية للضوء الذي نستطيع رؤيته، حيث نرى ذلك بالنظر إلى المصابيح والشاشات والشمس.

هنالك العديد من الأطوال الموجية التي لا نستطيع معرفة كونها خطرة. إن الأمواج العنيفة التي تنبعث من الشمس أيضًا تكون أقصر من الطيف المرئي، وهي بذلك تمتلك الطاقة الكافية لتحليل حمضنا النووي -DNA-. لا يمكننا رؤية الأشعة تحت الحمراء، بسبب شدة طول طولها الموجي. لكننا يمكن أن نشعر بها على شكل حرارة، بل هي قادرة على حرقنا أيضاً! لكنها غير مضرة ب الDNA كما تفعل الأشعة الأقصر منها. إن الصمامات الثنائية الباعثة للضوء LED لا ترسل أشعة فوق بنفسجية ولا تحت حمراء، وإنما أشعة مرئية فقط.

هل تبعث شاشة LED الضوء الأزرق؟

نعم، لكنه لا يزيد عن الموجود في باقي المصابيح، شريطة أن تقدم التوازن ذاته من الأطوال الموجية الأقصر والأطول. إن الضوء الدافئ يحتوي طبقة أكثر تناغماً من “الأصفر”، في حين أن الضوء البارد – الذي يشبه ضوء النهار- يبدو أكثر زرقة قليلاً. يكون لضوء الشمس إضاءة أعلى بعشر مرات من الضوء الداخلي النموذجي للLED أو الشاشات، مما يعني أننا نكون أكثر عرضة للضوء الأزرق في الخارج.

هل أضواء LED تدمر عينيك؟

في الغالبية العظمى من الحالات، لا!

إن مخاطر صحة العين من التعرض للضوء تعزى إلى السطوع. تحتوي شبكية العين على خلايا تدعى “مستقبلات الضوء” وهي التي تلتقط الضوء. حيث أن الضوء الساطع قادر على تدميرها.

إن جميع أضواء LED تخضع لتصنيف مرتب من 0 إلى 3، وهذا التصنيف معتمد لدى كل من؛ معهد المعايير الوطنية الأميركية، واللجنة الإلكترونية الدولية لتنسق انتظاماً من ملصقات ضوء LED. يعتبر الصفر في هذا التصنيف أن الضوء لا يشكل أي خطر على العين، كما لا يتطلب ملصق تحذيري. إن إضاءة LED المتواجدة في البيوت والمكاتب وشاشتك أيضا جميعها تحتوي هذا النوع من تصنيف الضرر المتدني.

تزداد أمراض العين الناجمة عن المصابيح بازدياد المقياس، لكن وعلى نحو وجيه، إن هذه الأمراض الأكثر ضرراً بنسبة 2 أو 3، عادةً ما تحدث ضمن إعدادات صناعية. البعض مجبر على التعامل مع أضواء كهذه، ومطالب بلبس معدات حماية تقيه من الضوء الأزرق، لأن الضوء الأزرق له طول موجي أقصر من الضوء المرئي. طبعاً يوجد قلق حيال ذلك، فهي تدمر الشبكية كما تفعل الأشعة فوق البنفسجية.

معظمنا لم يشهد تجربة الضوء الأزرق إلا من خلال الصمامات الثنائية البعثة للضوء LED الموجودة في الشاشات، ومن الإضاءة المحيطة ذات الاعدادات الآمنة. وعلى الرغم من وجود بعض الاهتمامات لكون إضاءة LED قد تؤدي لمشاكل في الرؤية لاحقاً، إلا أن براهين هذه الدراسات تعتبر ضعيفة.

إن مخاطر تدمير عيوننا من هذه المصادر تعتبر ضئيلة بالمقارنة مع المخاطر الحاصلة نتيجة التدخين، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو حتى الشيخوخة المبكرة. وذلك ما جاء في احد مقالات كلية الطب بجامعة هارفرد.

هل يعني ذلك أنه بإمكاني النظر مباشرة إلى مصابيح LED؟

لا، هذه فكرة سيئة جداً.

عند النظر لأي ضوء ساطع مثل مصابيح السيارات الأمامية أو فلاش الكاميرا فإن مستقبلات الضوء في شبكية العين تصاب بالهلع، نسمي ذلك “ابيضاض المستقبلات الضوئية”، يقول راج ماتوري، أخصائي البصريات المعتمد لدى مدينة الكرمل – انديانا- والمتحدث باسم الأكاديمية الأمريكية لطب العيون. إجمالاً، هذا يهيج النار دفعةً واحدة ثم يحتاج لثانية واحدة بعد ذلك كي يتعافى.

عندما يكون التعرض للضوء الساطع قليلاً، فإن مستقبلاتنا الضوئية تحتاج ثانية واحدة فقط أو ما شابه لتعود مرة أخرى للرؤية بوضوح. بالنسبة لكبار السن وخاصةً بوجود ظروف مختلفة لعيونهم، فإن الوقت المستغرق لعودة النظر قد يستغرق عدد ثوانٍ أقل، مما قد يخلق مواقف خطرة أثناء القيادة. وفي حال استمرارك بالنظر لضوء ساطع – بغض النظر عن أن غريزة العين ستوقفك -، فإن المستقبلات الضوئية ستكون قد سحقت، ستفرز مواد كيميائية مرهقة، قادرة على التدمير بالقرب من نسيج الخلايا. وقد يتطلب هذا الدمار عاماً كاملاً من الشقاء. بالإضافة إلى إمكانية تدمير المستقبلات البصرية، بدءاً من الشمس فهي قادرة على تدمير العين باحتواءها على الأشعة فوق البنفسجية. لذا. لا. تفعل. ذلك!! ليس مهماً كم تجد النظر إلى كسوف الشمس رائعاً.

حسناً حسناً، هذا يعني أن عدم نظري لمصابيح LED مباشرةً، آمن لعيني بالكامل؟

ليس بالضبط، لقد كانت وكالة التنظيم الفرنسية محقة حين أشارت إلى فكرة ضرر الأشعة المنبعثة من LED على إيقاع الساعة البيولوجية لدينا. الإيقاع البيولوجي هو دورة أجسادنا المنسجمة التي تخبرنا متى نستيقظ أو ننام.

عند تلقي المستقبلات البصرية في العين للضوء الأزرق فإنها تفسره على أنه ضوء نهار وبالتالي فهو وقت الاستيقاظ. عندما لا تميّز الضوء الأزرق – خاصةً- عندئذٍ تعتبر هذه إشارة لكونه وقت الليل، وهو وقت إنتاج هرمون الميلاتونين الذي يساعدنا على النوم.

إن بدأنا باستخدام الشاشات لوقت متأخر من الليل قادر على خداع أجسادنا بالاعتقاد أن الوقت ما زال نهاراً، وبذلك يتأخر إنتاج الميلاتونين. إن أفضل طريقة للحفاظ على دورة النوم بأن نخدعها بوضع الشاشات على الوضع الليلي، كما قال ماتوري. هذا الإعداد يعمل على تصفية الضوء الأزرق – كما يجعل لون الشاشة يميل إلى البرتقالي قليلاً – لكن الزجاج المطلوب لتصفية اللون الأزرق نادراً ما يصفيه كله. يقول ماتوري، هو لن يؤذيك، لأنه قد يكون مفيداً كحالة موضة!

أشارت تقارير الحكومة الفرنسية إلى وجود المخاطر من LED على البيئة. هذا لا يعد خاطئاً فالتلوث الضوئي مشكلة حقيقية. عند استخدام LED لإنارة السماء لنفعنا فهي حينئذ تعبث بالحيوانات المحلية، من الطيور حتى السلاحف، التي تستخدم الضوء والظلام كإشارات لنشاطات معينة من المفترض حدوثها.

على الرغم من أن تلك لم تكن نقطة في التقرير، فهو لم يعطِ أي قيمة لكون مصابيح LED تحتوي معادن ثقيلة أيضاً. لا يشكل هذا اي خطر علينا من حيث المصابيح، لكن عند كسرها في البيت أو المكتب، من المهم ألا يتم لمسها عند التنظيف. وسيكون أكثر أمانً أن تنقل إلى مكب النفايات. في حال استبعاد إضاءة LED، بجعلها باعدادات مختلفة، فهي حينها تماماً كالنهر، سوف تضر الحيوانات التي تعيش هناك.

المصدر: أخبار العلوم

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.