بقلم: أوس عوض – خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح
تحرير: محمد جودالله – دائرة العلاقات العامّة
لا زلت أذكر جيداً وقوفي أمام المرآة مبتهجاً، أتفقد ثوبي الجديد ليومي الجامعي الأول، وها أنا اليوم بعد 5 أعوام مضت، أقف على الأعتاب مودعاً، أخلع ثوب تخرجي كأنها رحلة يومٍ أو اثنين؛ وما بين الثوبين، يصنع كل منا حكايته.
ليس الوقت الذي يهم هنا، بل الذكريات التي صُنعت… لذا قالوا أن الحكايا لا تنتهي إن كانت ”نهايتها” ذات أثرٍ طيبٍ، فاحرص أينما حللت أن تترك أثراً يُبقيك حياً في قلوب مَن التقيت، ولا تجعل نهايتك سوى بداية لتذكرك.
الجامعة مكانٌ يفرض علينا حبه، وإنّه لمن الوفاء أن يُحب المرء مكاناً قوّاه من بعد ضعف، وأزهره من بعد ذبول، وهُنا وجب التساؤل، وأجِب بنفسك: هل أنت كما أنت بعد رحلتك فيها؟ أما زاد علمك؟ أما اتسعت مداركك؟ أما تحسنت علاقاتك؟ أما زادت طلاقتك وقوتك؟
في الحقيقة ستُجبر على حُبها إن فقهت معناها، فَالجامعة ليست مكاناً للدراسة فقط، وإن كانت الدراسة والتعلم الهدف الذي جئنا لأجله، وليست مكاناً للصداقة والمحبة فقط، وإن كانت هذه الألوان التي تجمل بها لوحتك، وليست مكاناً لقضاء الوقت الممتع وإبراز المواهب وحسب، وإن كانت المكان الأنسب والتربة الأخصب لذلك.
بل الجامعة مزيجٌ من هذا كلّه، تأتي لتتعلم، ثم تبحث عن قالب يحتويك؛ فَتجده، وتنغرس فيه لتقضي فائض وقتك معه، وتعرف فوق بلاطها أشخاصاً جدداً، فَتُحبهم ويحبونك، ثم تصنع معهم مواقف وضحكات، وتشاركهم همك وفرحك وحزنك.
إن أحسنت الفهم والمزج يا صديقي ستُحبها، وتتغاضى كثيراً عما يصرفك عن حبها، لأنّ الأرض تخلو من الأماكن المثالية، فَأينما وجد الفرح وجد الحزن، وأينما وجد العمل وجد الزلل، وأينما كان النظام وجد التقصير.
في حكايتي وأنا طالبٌ في كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطينة، التفتُ لفكرة جميلة في جامعتي، عرفت ملتقى القرآن الكريم، وهو أحد أنشطة الجامعة التي تديرها كلية الشريعة وعمادة شؤون الطلبة، فأحببته والتحقت فيه، وحفظت معه ما شاء الله لي أن أحفظ، وما فوتّ نشاطاً واحداً من أنشطته، ولأن حبي لجامعتي من حبي لهذا الملتقى، لم أرد أن أفوته… فبهذا يزيد البقاء، ويطيب الأثر.