بقلم: إدريـس باشآغا
كُنتِ دائماً حلمي في الحياة، كُنتِ بنظري الجسر الذي سأعبر به إلى خفايا هذا العالم و إلى أحلامي الكثيرة جداً- لم أحظَ بشرف الجلوس على مقاعدكِ العتيقة، ولا بشرف التنفس من هوائك الطلق كلما قررت السير بين جنباتك، لم أحظ بشرف الاعتراف أني منكِ وإليكِ- كنتِ حُلماً وما زلتِ.
كُنتُ أستيقظُ صباحاً وأنا طفل صغير، وأقول لنفسي غداً سأستيقظ في مدينة نابلس – كما يفعل أخي سنمار الآن، وبينما أسير في غرفتي ذهاباً وإياباً أرتطم بالحائط بقوة وأتنبّه لنفسي أني حَلّقتُ كثيراً في مخيلتي كالمعتاد وأني لن أدرك تلك اللحظة في الحياة أبداً! إذاً يبدو أنه السراب الذي لا أنسى أنه الشيء الذي نراه أمام أعيننا ولا ندركه، لأنه خرافة من خرافات هذه الحياة الغامضة، كسرني السراب وبت مُقعداً ولكنه لم يأخذ عيني فأنا أنظر إليك كل يوم وأنظر ليدي الآن وهي تكتب بسرعة كبيرة جداً هذه الرسالة لأنها لا تريد لعقلي أن يفكر كثيراً في مضمونها، عله لا يحزن أو تتدخل شرائح العقل الباطني مستغلة حالة الغفلة التي أعيشها لتحرك مواجع الماضي بسبب طول الوقت!
أخاف على عيني من السراب الذي قد يخطفها! كيف سأنظر إليك بعدها؟ أخاف على نفسي أن يصيبني شيئ فلا أدرك نابلس ولا أدركك! لم أكن أعلم أن السراب يصيبُ الأطفالَ أيضاً، فهم في مشوار سهل في حياتهم وأكبر أحلامهم لعبة جميلة أو وجبة شهية، وها هو السراب يرافقني بعد الكبر ويعاتبني كيف تركتكِ بتلك السهولة مستسلماً للواقع الذي فـُـرض علي ولم أكن طرفاً فيه، قاومته برعونة دون جدوى، كان أقوى مني ومن إرادتي، لم يكتف السراب بقتلي بهذه الطريقة فقط! بل ها هو يحرك ضميري الذي لا ينفك يؤنبني ويذكرني بجريمة لم أرتكبها.