الربيع…زهرة !

لو سألتك عزيزي القارئ هل لديك طوح؟ قد تجيبني بنعم، وقد تجيبني بلا، أما إذا أجبتني ‏بنعم، فاعلم أنك إنسان طبيعي تعيش بصحة نفسية وعقل واع وإيمان قوي بأهمية الأمل والعمل في ‏هذه الحياة لكي تكون إنسانا راضيا عن نفسك تعمل وتنتج وتخدم الآخرين وترضي رب العالمين، وأما ‏إذا إجبتني بلا، فأنصحك أن يكون لديك طموح مهما كان بسيطا أو صغيرا، طموح يجعل لحياتك قيمة ‏ومعنى، ويبعدك عن أفكارك السوداوية ويجنبك الإكتئاب، فيجعلك تعيش بصحة وعافية وقدرة على ‏العمل والإنتاج، وما كل ذلك إلا لأن لديك طموحا تفكر في تحقيقه، وأملا تسعى لتحقيقه، وفي عقلك ‏صورة تحاول أن تصل إليها، وهذا من شأنه أن يجعلك إنسانا معتبرا تفيد وتستفيد.‏

وأن يكون لك طموح يعني أن يكون لك هدف تسعى إليه، وهذا يعني أن تعيش بهمة ونشاط ‏وتفاؤل، تعمل وتنتج وتحقق إنجازات تضاف إلى سيرة حياتك قبل أن يغيبك الموت دون أن تعمل ‏شيئا.  والأكثر من ذلك، فهو يعني أنك تملك نفسية جميلة، أحلاما جميلة، وتفكر بأفكار إيجابية،  ‏ونظرتك للحياة يسودها البشر والتفاؤل، واتجهاتك نحو نفسك والناس الآخرين اتجاهات خيَرة بيضاء ‏ناصعة، وكل هذا من شأنه أن يجعلك تعيش الحياة كما ينبغي: عاملا بانيا منتجا متفائلا، وتقطع ‏مشوراها بكل همة ونشاط وسعي، حتى إذا ما امتلكت هذه الصفات فأنت إنسان طبيعي خالي من ‏الأمراض نسبيا لا يؤرقك فراغ، ولا يقضَ مضجعك اكتئاب، ولا تسرب أيامك وأنت جالس على عتبة ‏دارك تنتظر السماء أن تمطر لك ذهبا وفضة، وتنتظر الآخرين أن يفكروا عنك، ويخططوا لك، ويمدوا ‏لك يد المساعدة في عمل ما يجب عليك أنت القيام به بنفسك.‏

وكم جميل أن يكون لك طموح، وكم جميل أن تضع لحياتك خطة بحيث تعمل على تحقيقها ‏شيئا فشيئا، وما أجمل أن تحلم وتتخيل وتستشرف المستقبل بعين متفائلة وهمة عالية وإيمان قوي؛ ‏فالمهم هنا أن يكون لديك أحلام، وأن يكون في فكرك تصور، وأن يكون عندك مشروع، وأن يكون أمام ‏عينيك أمل يشحنك وأنت تعيش هذه الحياة فيحرك طاقاتك ويبعث همتك ويشحن عقلك وينعش نفسيتك ‏ويجعلك تعيش سعيدا هانئا آمنا مطمئينا، إنسان طبيعي تحلم وتعمل وتجد وتسعى وتعتمد على ربك ‏في تحقيق مآربك.  أما أن تعيش خالي الوفاض، خالي الذهن دون طموح، وأن تضع نفسك في الزاوية ‏منتظرا الفرج دون أمل أو عمل، فهذا هو العجز إن لم يكنن الجنون بعينه، لأنه بالتأكيد سيؤدي بك ‏إلى التشاؤم والسوداوية التي لا تجني من ورائها إلا التعب والإرهاق والأمراض النفسية المحبطة.‏

وبالتالي، فما عليك عزيزي القارئ إلا أن تضع أمام عينك هدفا في هذه الحياة مهما كان ‏بسيطا أو صغيرا وذلك حتى يحفزك إلى السعي لتحقيقه، وعليك أن تحيط هدفك بالنظرة الجميلة ‏والاتجاهات الإيجابية والأفكار البناءة والأحلام الوردية.  وقد يكون الهدف مشروعا أو صناعة أو ‏عمل أي شيء تحبه أو ممارسة هواية ترغبها أو مساعدة من يحتاج للمساعدة، وقد يكون الهدف عملا ‏تطوعيا كالمشاركة في مؤانسة المسنين، أو تنظيم السير، أو حراثة الأرض واستثمارها، أوزراعة ‏الحدائق العامة وتنظيفها، أو إعطاء دروس مجانية إن كنت متعلما، أو حتى رعاية الحيوانات الأليفة ‏والطيور الجميلة.  فكل هذا من شأنه أن يشعرك بقيمتك وقوتك وأنك إنسان عامل نشيط مفيد، وذلك ‏حتى تعيش بصحة وعافية، وهذا أسمى ما يسعى له أي إنسان.  إذن هيا، فلنكن من الناس الطموحين ‏المخططيين العاملين المنتجين والمعتمدين على رب العالمين حتى تكتب لنا الحياة السعدية الهانئة.‏

بقلم: أ.د. أفنان دروزة/ كلية العلوم التربوية وإعداد المعلمين

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.