كيمياء الروح

قد نسمع عن كيمياء الروح، وتمر علينا مرور العابرين دون أن نلتفت إليها، ولا نشغل تفكيرنا بوجودها من عدمه، أرواح نلاقيها في حياتنا، منها ما نتآلف معها من أول نظرة، نحس تجاهها بالراحة الداخلية، فنقبل عليها دون تردد، ومنها نعتاد عليها بالتدريج والتعود، بالكلام أو بالنظرات، ومنها ما ننفر منها حينما تتلاقى العيون والوجوه معاً، وقد يتبدل ذلك فيما بعد؛ لأن عالم الأرواح غريب ومتقلب بطبعه.

كيمياء الأرواح تولد معنا، تكبر وتتطور، تتأثر بتربيتنا وثقافتنا وتفكيرنا ومحيطنا، تتشكل وفقـًا لقناعاتنا الشخصية، وحينما تبدأ في التأثير على أرواحنا وقلوبنا، تختار هى الأرواح التي نتناغم معها، تحكم علاقاتنا الإنسانية، تصنع الحب وتبني الصداقة، تجعلنا نعبر حدود الأرواح، فنلاقى أشخاص نرتاح لهم، نتناغم معهم، نشعر بالاطمئنان بجوارهم، وبالراحة في الحديث معهم، وبالسعادة حين يربتون بأكفهم على أكتافنا، نتجاوز مرحلة الخوف والخجل إلى مرحلة الأريحية والانبساط، فنعرف ما يدور بداخل الآخر ، ويعرف ما يدور بداخلنا ، يشاركنا الفرحة، ويمدنا بأسباب السعادة، يدرك أحزاننا، ويحس بآلامنا مهما أخفيناها.

العلاقات الإنسانية المبنية وفق كيمياء الأرواح، تدوم مدى الحياة، تحييها لغة القلوب، ويرممها الحب إذا ذبلت، وقد تدوم بالصمت والسكون، وأيضـًا تستمر في الوصل والقطيعة، وتتحدى تقلبات الأيام.

كيمياء تعذبنا إذا ما غابت عنا تلك الأرواح، فقدناها أو ألقاها الزمن بعيدًا عنا أو تلاعبت بنا الأقدار ، قيمة الأرواح تعرف حين نفقدها ونستشعر غيابها، ونحس بالفراغ الذي تتركه ورائها في حياتنا التي يغزوها السواد من بعدهم، وقتها نشعر بأن آلام البشر جميعـًا اجتمعت لتسكن أرواحنا، وتبث فيها عذابات النفوس، فنصبح أضعف مخلوقات الحياة التي تنتظر ومضة أمل لتنتشلها من الوهن الذي أصابها.

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.