آه، ثم آه ، ثم آه ! كم أنا تعيس ومرهق من الاستراحة. لم يعد يحملني احد بين أنامله ليخط معلومة أو فكرة أو يكتب خطة لتنفيذ مهمة ما لتفيد العالم. فقد كنت ، لفترة قصيرة، أداة للكتابة والتعليم والتعلم في المرحلة المدرسية والجامعية . لكن الآن ، اليوم، أصبحت هناك أدوات أخرى للكتابة فأصبحت مجرد الضغط على لوحة مفاتيح.
أصبحت الآن … ولو في المرحلة المدرسية مملا .. لا أحد يستطيع حملي بالطريقة الصحيحة والفُضلى فجاءت الخطوط الكتابية غير واضحة وغير مقروءة.
نسي الجمهور ، أو تناسى، الخطوط الكتابية الفنية، واللوحات الفنية اليدوية. ونسي أن القلم هو مصدر العلم، ونسي أن إحدى السور القرآنية سُمّيت بالقلم { ن، والقلم وما يسطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون. وإن لك لأجرا غير ممنون} ( القلم: 1-3 ) ، وفي موضع آخر { وكتاب مسطور} (الطور:2) . وهذا الكتاب الكريم هو ( القرآن ) حُفِظ في القلوب ثم سُجِّل واحتُفِظ به في المصاحف بكتابته بخط اليد دون تنقيط ثم أُتم كتابته على يد نصر بن عاصم بالتنقيط وابي أسود الدؤلي بالتشكيل وصار كما نراه اليوم مطبوعا بشتى أشكال الخط.
ما يستخدمني، في هذه الأيام، سوى العقول المفكرة وما يشخَط بي إلاّ بعد تفكير وتأمل عميقين لتتجسد الافكار للتمكن من تطبيقها.
هذا، عوضا عن الاستفادة التي يحصلها الفرد من استخدامي فهو يحرك يده وتتنقل من اليمين إلى اليسار أو بالعكس، ومن أعلى إلى أسفل؛ لتكتمل الحركة الفيزيائية لتسيير الدم في شرايين الكف واليد كلها.
أرتاح عندما أعتمد على الوسطى وتضمني السبابة والابهام ويتحرك الخنصر والبنصر بكل حرية وطراوة. وهذا مفيد في حركة الدم وصرف الطاقة: طاقة الحركة وطاقة التفكير.
لم يتنبه الجمهور بأنه عند استغنائه عني ليضم الفارة بقبضة يده ( بكفه) ومع الاستمرار والتكرار يفقد الحيوية ويشعر بالخَدَران والتنميل. والأدهى عندما يضرب باصبعه على ازرار لوحة المفاتيح، فتبقى الاصابع الاربعة الأخرى مرتاحة . وهذا الوضع قد يصيبها بالشلل. كما يضغط باصبعه على زر المسافة وزر التبديل لطلب صفحة اخرى . ناهيك عن الامواج الكهرو مغناطيسية والاشعة الصادرة من الشاشة والتي تؤدي الى أضرار مَرَضية مع استمرار الاستعمال.
والذي يسعدني أنه لا يمكن الاستغناء عني، مهما تطورت أدوات الكتابة وطريقة الاحتفاظ بالمعلومات، وأقلُّها وضع النقاط الاساسية التي سَيَرِد التفصيل عنها.
وما يؤرقني ، ويؤسفني عندما يتخلى عني نهائيا دون اللجوء الى استخدامي بتاتا.
حاشا لله، فأنا الأول والآخر، إذ ابتدئ بي في كلام الله سبحانه وتعالى وسطرت بي الشريعة التي سيسير عليها عباد الله في كتابه “” القرآن الكريم”.
باحثة في العلوم الإنسانية والإرشادية