وقفة مع الذات

في لحظة الهروب من واقع الحياة

وقفة مع الذات

وقفة مع الذات لا بد لنا منها, نواجه خلالها كل مخاوفنا, نتحاور مع النفس حوارا صارما قد يحمل في ثناياه بقايا الكلمات وبقايا اللحظات والأحلام التي لم نعشها يوما. مفترقات طرق طويلة وكثيرة سنواجهها في كل محاولة لفهم مركب الحياة إلى أين يسير, ستقودنا ألى أن نقف حائرين بين أحلام تبددت وصارت رمادا منثورا, وأجنة أحلام معلقة برحم الحياة تتمسك بمشيمتها بكل قواها خوفا من أن ينقطع عنها الغذاء فتصبح هي الأخرى في عداد الموتى دون أن يكتب لها أن تحتسب في عداد الأحياء يوما.

قد نسمع بين الحين والآخر همسات وأنين حلم يشكو عتمة الإهمال والكسل, يشكو عتمة كاد يقتنع بأنها هي موطنه وبأن النور لن يكون مصيره يوما, وأن هذا النور الذي يأمله ليس إلا أسطورة وخرافة كان يسمع عنها في حكايا ألف ليلة وليلة. تلك الهمسات ستؤنبك, وستلومك وستجعلك تتفكر في كل ما أضعته من فرص, وبحجم الساعات التي انقضت من دون سعي منك لتكون أفضل, ستوقظ فيك شتات أفكارك وأحلامك, فأنت لم يكن لديك الاستعداد الكافي لتبدأ برسم معالم مستقبل وحياة تمثلك وتحيا فيك قبل أن تحيا أنت فيها.

سعي الإنسان للتميز فطرة كان قد خلق عليها منذ الأزل, ليستحق لقب خليفة الله على الأرض, منذ أن خلقت خلق الله فيك شغفا يصاحبك في كل ما تقوم به من أعمال, استودع فيك طاقة وقوة وصبرا واجتهادا لن تجده في غيرك من المخلوقات, لقد خلقت مميزا, خلقت مميزا لتكون, خلقت لأن هذا العالم الواسع ينتظر منك أنت في بقعتك الصغيرة التي تكاد لا ترى في هذه المجرة الكونية الكبيرة تغييرا وإعمارا وكلمات تبني دون أن تهدم.

 

طفل يدرس ويبيع على رصيف الشارع يعطي درسا قيما في تحدي الظروف المصدر: مدونة نصف القمر.

 

ذات جديدة

أنت لم تخلق عبثا, حلمك ذاك الذي خبأته تحت الوسادة يستحق أن يرى النور, يستحق منك أن تعمل وتجتهد, وأن تحاول وتخطئ, أن تتعب, وأن تخسر الكثير, وأن تتألم بضياع الكثير من الجهد والفرص, أن تصل الى حافة الانهيار لكنك لا تقع, لا تنكسر, تبقى متماسكا, تعمل بشغف, تعمل بحب وبإيمان عميق بأنك ستصل وستكون, تعمل بجهد غير مألوف فقط لأنك تؤمن بما تسعى إليه وبما أحببت.

لا تفكر بحجم ما خسرت وما مضى, لا تفكر بفرص ذهبت واختفت قبل أن تلمسها بيديك, فكر بأنك مخلوق حي, روحك لا تزال على الأرض وقلبك ينبض وجسدك يتنفس وأن كل جوارحك تعمل لأجلك, فمنذ أن ولدت قد ولدت معك الفرصة وهي فرصة الحياة, وهذا كل ما تحتاجه لتبدأ ولتكون.

لا تتهاون في أحلامك, ولا تضيع الوقت أكثر مركزا على أمور هامشية تقتل شغفك وتزيد عتمتك وتعمي بصيرتك عن النور وتحرمك لذة الوصول, فلذة النجاح لذة لا تضاهيها لذة, وصولك الى ما تمنيته يوما, رؤيتك لاسمك يكتب في قائمة الأسماء التي حققت نجاحا وتركت الأثر وكانت الفضلى التي تستحق لقب البطل الأول, أمور لا يعرف قيمتها الا من أفنى عمره مجتهدا باحثا عن سعادة وحياة استثنائية ستتذكرها الأجيال من بعده, فأنت البطل في سلسلة أيامك الطويلة, لديك القدرة لتلعب دورك بجدارة, فقط عش تفاصيل نجاحك بشغف وانظر الى عظمتك تكتب وتخلق وتحيا بشغف.

نرجس أبو عبيد.

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.