الفرق بين من يبدو عاقلاً ومن يدعي العقلانية

الفرق بين من يبدو عاقلاً ومن يدعي العقلانية.

أن العاقل عندما يخطئ يلوم نفسه ويفكر لماذا فعل ما يكره فعله.

أما الثاني عندما يخطئ يلوم من حوله، ويفكر لماذا فعلوا بي ما فعلوا.

بعضُ البشر لا يرون الخطأ في أنفسهم.. بل يرون تصرف الآخرين تجاه زلاتهم هو الخطأ.

وهذا قمة الظلم.. ظلم الإنسان لنفسه.

تتعقد أمورهم بمرور الزمن؛ إذ أنه لا قدرة لجميع من حولهم بإقناعهم أنهم على خطأ.

الشخص منا إذ لم يرى خطأه ببصيرته أو على الأقل أن يشعر به، لن يستطيع سكان هذه الأرض مجتمعين بإقناعه بذلك.

إنها قدرة البصيرة على الرؤيا..

“فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”

ومن ذا الذي يستطع جلاء هذا العمى كله.. إن كان صاحبه مقتنع بأنه يرى النور؟

لا أحد يستطيع سوا ذلك الشخص إن قرر تغيير نفسه من الداخل.

فنحن بأنفسنا نملك الخيار لكل شيء،

نملك الخيار لنكشف الستار عن قلوبنا أو لنبقيه في عمى.

نملك الخيار لنحدد اتجاه سفينتنا ومسار حياتنا..

أن نكون في كفة الخير أم في كفة الشر..

أن نجتهد في هذه الحياة أو نتكاسل..

نملك الخيار لنحدد من يكمل معنا الطريق، ومن سنضعه جانباً.

لن أقول أنك تستطيع تغيير العالم.. لكنني أقول لَك بثقة أنك تستطيع تغيير نفسك والظروف التي من حولك وبيئتك بأكملها، إن أنتَ أردت ذلك.

ولكن عليك أن تسعى في طلب رزقك فالرزق نوعان كما قال علي بن أبي طالب.

وبيدك الخيار.

وحين تقف لا تعرف إلى أين المسير وكيف ستكون الطريق..

فقط توكل على الله.

وسلم أمرك له..

وإبكِ لا بأس ببعض من البكاء..

فقد يبكي الإنسان عندما يلامس الشعور قلبه، سواء كان حزن.. ألم.. قلق.. توتر.. أو سعادة.

يبكي عندما تقال له كلمة جميلة تدخل إلى قلبه..

عندما يشاهد مشهداً مليئاً بالمشاعر.. أو قصة مؤثرة..

عندما يتفاجئ بخبرٍ سار أو محزن..

نحن نبكي عندما يلامس الشعور قلوبنا فنقوم بتفريغ مافي هذه القلوب إلى عالم البشر وعالم الكتابة على الورق.

نبكي في اللحظة التي لا نعرف أن نعبر بها عما في قلوبنا.. لأن البكاء هو أقوى وسيلة يعبر بها قلبك عن نفسه دون إرادتك..

فلا تحاول إخفاء دموعك لأنك بذلك تحاول إخفاء قلبك.. ذاك الذي يعتبر أجمل ما يحتوي عليه جسدك.

ولا تبتأس فلربما كانت الحكمة من الشقاء في الدنيا هي معرفتك لمعنى الهناء.. ومعنى الراحة وكيف تكون السعادة.

إننا لولا خيباتنا وخذلاننا من أنفسنا قبل الآخرين لما كنا ما نحن عليه الآن.

لسنا بكامل القوة ولا بكامل السعادة أو الرضى النفسي، ولكننا على الأقل نراجع أنفسنا ونأخد من تلك المواقف التي مررنا بها العبرة.

نحن لسنا جماداً ولا تراباً في هذه الحياة..

نحن نمضي قدماً.

وهذا بحد ذاته إنجاز.

مختصر الكلام وبين ذاك وذاك..

بين من يبدو عاقلاً ومن يدعي العقلانية.

بأن الأول كان لديه إرادة عظيمة ليصل إلى ما وصل إليه، لاشك في أنه يئس تارة وبكيَ تارة وتخبط هنا وهناك..

ولكن أي من ذلك لم يثني في عزيمته..

لقد كان كل العظماء في العالم أصحاب الهمة وأصحاب الإنجازات العظيمة، يشتركون بهذه الصفة..

لقد كانوا أصحاب مبادئ، ثابتين كالجبال.. لا تغريهم الحياة ولا تثني عزيمتهم..

لقد عملوا بإصرار حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه.

تلك المبادئ التي تمثل أغلى ما يملك الإنسان..

لا يتنازل عنها إذا وقف أمامه من يخالفه في رأي..

إنها المبادئ الصادقة الصحيحة التي أورثَنا إياها رسولنا عليه الصلاة والسلام.. وأرسخها في عقولنا عمر بن الخطاب بقوته وشجاعته..

لذلك كان أعظم الجهاد: “كلمة حق أمام سلطانٍ جائر”.

وكم نحتاجها اليوم في زماننا.. هذا الزمان الذي يعلمك كل ما فيه كيف تكون إمعة؛ إن مالت الرياح ملت معها..

لذلك إلجأ لقصص زمان غير زمانك إلى زمن عمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة..

حيث تتعلم هناك في ذلك التاريخ كيف تكون ثابتاً عنيداً على الحق.. لا تثني عزيمتك كلمة سخيفة من مجتمعك..

فعقلك لك ليس لغيرك.

لا أحد يستطيع حصار فكرك..

ولو وضعوك في قفص عصفور فأنت بفكرك حر.

بقلم: سجود نعنع –  تخصص أنظمة المعلومات الإدارية

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.