إنني أكثر ما أعتب على الناس التي تتعامل مع غيرها بأسلوب المطمطمة، أي الأسلوب الذي يؤخر ويؤجل، ويساوم ويماطل، ويخلف بالمواعيد ويقدم، ولا يلتزم بكلمة أو عهد أو عمل. وهذا ما نلحظه كثيرا في هذه الأيام لدى البيع والشراء، أو أداء الواجب أو عند أخذ المستحقات، أو لدى تنفيذ المشاريع وأعمال البناء وخاصة في المقاولات ، فترى المقاول أو المهندس يؤخر ويماطل، والعامل يتوانى ويتباطئ، وصاحب الورشة يؤخر في ويماطل، والكل يمطمط والكل يتباطء ويتمطى. وطبعا هذا سيكون على حساب العمل وجودته، وعلى حساب توتر أعصاب الزبون وصاحب العمل، وعلى حساب وقت الفرد أيضا الذي لولا التسويف والمماطلة وأسلوب المطمطة والتأخير لحقق الكثير من الأهداف التي يسعى إليها في موعدها المحدد.
لم أسلوب المطمطة
والسؤال الذي يطرح نفسه، لم أسلوب المطمطة في التعامل، ولم التأخير والتخلف عن أداء المهمة في موعدها المحدد؟ ولم الكسل والتقاعس والاستهانة بالناس؟ ألم يعي هؤلاء أن أسلوب المطمطمة يضر بالعلاقات الإنسانية بين الناس ويؤدي إلى الاستهانة بقيمة الإنسان وعمله وقته، ألم يدركوا أن البلادة في أداء اللشيء سيضر بالعمل والإنتاج، ألم يدركوا أن هذا سيضر بصحة الإنسان أيضا ويؤدي إلى كثير من الأمراض كالجلطات الدماغية والسكتات القلبية وتوتر الأعصاب؟ وأكثر من ذلك، ألم يفهموا أن التسويف والتأجيل سيؤدي إلى التأخر والتخلف، ومن ثم تخلف المجتمع وجره إلى التقهقر للوراء؟
وبالتالي، ولكي نتخلص من أسلوب المطمطة علينا وقبل كل شيء أن نحترم الإنسان، وأن نطبق القوانين في معاملات البيع والشراء، وفي العمل على الرؤساء والمرؤوسين في المؤسسات والشركات والوزارات والمدارس والمعاهد والجامعات، وأن نبين لكل فرد أهمية الالتزام بالعمل والتقيد بالمواعيد ضمن العقود الموقعة والمواصفات المحددة، ونبين أهمية التقيد بالوقت لدى التسليم والاستلام، وأهمية دفع المستحقات في موعدها المحدد انطلاقا من القول المأثور ” أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”. كما وعلينا ألاّ نبخس الناس أشياءهم وألا نضع العراقيل أمامهم وهم يعملون أو التقليل من إنجازاتهم. أما أن نستتخدم أسلوب المطمطمة ونفتكرها نوعا من الذكاء والفهلوة فهذا لا يجوز، وهذا حرام يجب أن يعاقب عليه القانون، وما كل ذلك إلا لأنه يعني الاستهانة بمشاعر الناس، والتقليل من قيمتهم وقدرهم، وعدم احترام مواعيدهم وأشغالهم، ويعني أيضا التحكم بلقمة عيشهم وحياتهم عندما لا ندفع لهم. ناهيك عن أن أسلوب المطمطمة يظل أسلوبا غير حضاري، ويدل على التخلف والتأخر والاستهانة بالإنسان، ويؤدي إلى القهر والغضب والإحباط وهذا ينعكس سلبا على المجتمع بكافة شرائحه وقطاعاته ومؤسساته.
التخلص من المطمطة
ولكي نتخلص من أسلوب المطمطمة علينا أن ننتهج أسلوب التربية والتعليم في توعية الفرد منذ الصغر وفي المؤسسات التعليمية وبيان أهمية أن يلتزم بما أوكل إليه من أعمال ومسئوليات سواء لدى أداء العمل أو أخذ حقوق؛ لما في ذلك من أثر على صحة الإنسان في عمله وتعامله، وعلى حياته ومجتمعه بعامة.

كاتبة وأديبة، ومحاضرة في قسم أساليب التدريس والدراسات العليا في كلية التربية/ جامعة النجاح الوطنية