أهمية التهيئة النفسـية في مطلع العام الدراسـي!‏

ها هم أبناؤنا الطلبة يعودون إلى مدارسهم وجامعاتهم والأمل يحدوهم بأن يكونوا طلاب ناجحين مفكرين ‏مبدعين. ها هم يعودون وهم يحلمون بأن يكونوا عماد المستقبل وعدة الأمة ليبنوا وطنهم ويطوره بما فيه الخير لهم ‏لشعبهم ووطنهم وأمتهم.  ها هم يعودون إلى مقاعد الدراسة وهم يحملون في مخيلتهم صورا جميلة، وفي أفكارهم ‏أحلاما عريضة، وبين جوانحهم مشاعر فياضة وحب كبير لمدارسهم ومعلميهم ورفاق صفهم، ومتطلعين لأن ‏يكتسبوا علما نافعا، وخلقا قويما، ومهارة فاعلة تفيدهم في حياتهم.  ها هم أبناؤنا الطلبة يعودون إلى مدارسهم ‏وجامعاتهم وكلهم استعداد لأن يقرأوا ويكتبوا ويبحثوا يتعلموا كل ما من شأنه أن يعود عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم ‏وأمتهم بالنفع والفائدة؛ فماذا أعددنا لهم؟ وكيف علينا كمعلمين ومدراء أن نستقبلهم ونبدأ العام الدراسي معهم؟ هل ‏نبدأه بالتدريس مباشرة وإعطائهم العلم، أم نجعل الأيام الأولى عبارة عن تهيئة نفسية (‏Orientation day‏) ‏تساعدهم على استقبال عامهم الجديد بنفسية حلوة، وعقل متفتح، وطاقة شاحنة، وإصرار على والتعلم والنجاح كبير ؟

يقول علماء النفس، إن الأيام الأولى من العام الدراسي الجديد يجب أن تكون أيام تهيئة نفسية واستعداد ‏للدراسة، بحيث نجعل منها أيام سعادة ووئام وانسجام، أيام يتلاقى فيها المعلمون والطلبة والمدير وجميع أسرة ‏المدرسة، فيتعارفون على بعضهم البعض، ويهيئون طلبتهم نفسيا وماديا للدراسة وبدء العام الدارسي الجديد. ‏وبالتالي، فمن الأفضل للمعلم ألا يدرس في اليوم الأول أو الأيام الأولى من بداية العام الدراسي، بل يجعلها أيام ‏تهيئة نفسية وتعارف واستكشاف، يتعرف فيها على طلبته، ومستوى استعدادهم الدراسي، وخلفيتهم الأكاديمية، ‏والثقافية، وأوضاعهم الأسرية والإجتماعية والإقتصادية، وما المواد التي تفوقوا بها، وما المواد التي قصروا في ‏استيعابها، وما الأنشطة التربوية التي يحبونها، وما الأنشطة التي ينفرون منها، وأين كانت نقاط قوتهم، وأين كانت ‏نقاط ضعفهم؟  وقد يوزع المعلم لهذا الغرض استبانة لكي تساعده على جمع مثل هذه المعلومات، بحيث يستطيع ‏بناء عليها أن يختار الأسلوب التدريسي المناسب، ويحدد المراجع والأدوات والوسائل والأنشطة التربوية الملائمة ‏للطلبة والمادة الدراسية.  وقد يجعل المعلم الأيام الأولى من العام الدراسي للتمهيد للمادة التي سيدرسها، وأن ‏يستعرض مع طلبته بشكل مختصر محتواها، وأهدافها التعلمية، وأنشطتها التربوية، ووسائلها التعليمية، ويذكر لهم ‏قيمتها التربوية، والفائدة المرجوة منها، ومدى ارتباطها بحياتهم العملية والمهنية.  وقد يبدأ المعلم الحصص الأولى ‏من العام الدراسي أيضا بعمل شيء من شأنه أن يحبب الطلبة في العلم والمعلمين والدراسة، ويقوي انتمائهم للمدرسة ‏والمجتمع، كأن يتكلم عن إنجازات المدرسة، وتاريخ تأسيسها، والطلبة المتفوقين فيها، والطلبة الذين تخرجوا منها ‏وأصبحوا قادة وعلماء وأساتذة وأعضاء نافعين في المجتمع.‏

وقد يطلب المعلم من الطلبة ما تحتاجه المادة الدراسية من دفاتر وأقلام وكراسات ومراجع وأنشطة وغيرها ‏من الأدوات والمواد والوسائل والمراجع التي تساعدهم على درساتها بالشكل الصحيح.  وقد يكرس المعلم جزءا من ‏الحصص الأولى للأناشيد الوطنية والأبيات الشعرية التي تشيد بالعلم والعلماء والتاريخ والوطن وكل ما من شأنه أن ‏ينمي عاطفة الإنتماء للأرض والوطن.‏

وبالنسبة للمدير، فقد يبدأ العام الدراسي بتفقد أحوال المدرسة ومرافقها وما ينقصها من أدوات ومواد حتى ‏يعمل على توفيرها في أسرع وقت.  وقد يستقبل المعلمين ـ وخاصة الجدد ـ ويعرفهم على المدرسة ومرافقها من ‏صفوف، ومكتبة، ومختبرات، وساحات، ومقاصف، ويعرفهم أيضا على زملائهم من المعلمين وخاصة الذين ‏يدرَسون نفس الموضوع، بهدف التعاون والاستفادة من خبراتهم كونهم أقدم منهم خبرة في سلك التعليم. وقد يعقد ‏الإجتماعات الإدارية التنظيمية مع المعلمين ليعرفهم من خلالها على جداول تدرسيهم، وصفوفهم، وطلبتهم، ‏وواجباتهم، والأنشطة المطلوبة منهم خلال العام.  هذا إلى جانب ضبط النظام في المدرسة وإطلاع المعلمين والطلبة ‏على قوانين المدرسة وما الأشياء التي عليهم الإلتزام بها، وما الأشياء التي عليهم تجنبها والإبتعاد عنها، سواء لدى ‏تعاملهم مع زملائهم من المعلمين، أو لدى تدرسيهم الطلبة.  كل ذلك يجب أن يتم بروح سمحة، ووجه طلق، ورفق ‏في التعامل، وأسلوب ديمقراطي مبني على الإحترام والتقدير والتعاون والثقة، وذلك بهدف إنجاح العملية التعليمية ‏وتحقيق أهدافها لكي يجعل من مدرسته مدرسة ناجحة تؤدي رسالتها على خير وجه وأكمله.‏

إذن، فالأيام الأولى من العام الدراسي يجب أن تكون أيام تهيئة واستعداد نفسي لكل من الطلبة والمعلمين ‏والعاملين في المدرسة لا أيام تدريس وعبئ وواجبات تنفر الطلبة والمعلمين من التعلم والتعليم.  فالإستعداد النفسي ‏والتهيئة وخاصة في الأيام الأولى من العام المدرسي من شأنه أن يحبب الطلبة بالمدرسة ويشحنهم بالطاقة الخلاقة ‏ويجعلهم يقبلون على العلم والدراسة بكل حب وشوق وأمل.  كما يحبب المعلمين أيضا بالتدريس والإقبال على التعليم ‏بكل همة ونشاط وإخلاص وانتماء؛ مما يجعل جميع أعضاء المدرسة كأسرة واحدة متحابين متفاهيمن متعاونين ‏مخلصين منتمين، هدفهم تعليم الطلبة والإرتقاء بهم، والنهوض بالعملية التعليمية إلى أعلى مراتب العلا. ‏

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.