-ماذا تعني لكِ القدسُ؟
يتوقّـفُ الزّمانُ مِن حَولي لِلحظاتٍ ، يسكُـنُ الطَّرفُ، وتَسـارعَت نبضـاتُ القلبِ ..ثُمّ دبَّـت في هذا الجسدِ الضعيفِ رجـفةٌ ،ورعـشةُ الحبِّ التائهِ في دائرةِ الوَلَهِ المغلقةِ ،لا يدري كيفَ الخـلاص..
كيفَ يبرِّدُ نيرانَ الشّــوقِ بلُـقيـا الحبيبِ ،وتَعانُـقِ الأنفــاس…
ردّدتُـها كثيرًا في ذِهني ، وكلّما ردّدتُـها ازددتُ ارتعاشًا وازدادَ الدَّمعُ تغلغلًا في مُقلَتَيّ..
”ماذا تعني لكِ القدسُ؟”
لم أستطِعِ الإجابةَ ،فقدِ انهارتِ الصّورُ أمامي فجأةً وبسرعةٍ ،كما ينهارُ الرُّكامُ،لِتصبحَ مُشوَّشةً متداخِلةً كما تتداخلُ حروفيَ الآنَ…
أمسـكتُ قلمـًا وورقـةً ؛لعلّي أستطيعُ أنْ ألمحَ شيئًا واضحًا في الذّاكرة.. فأخذتُ ورقتِيَ البيضاءَ متأمِّلةً ،فإذا بي أرى القدسَ مُطوَّقةً بوجــعِ الذّاكرة.. لِأملٍ يخــفُـتُ بريقُهُ كُلَّ يومٍ ،ومِن كثرةِ الأيادي الّتي صافحَت رِياحَ الأعادي ،ومِن عربانٍ باتوا سرابَ الظّلالِ إنْ رافقوا نهارَنا، وفي اللّيلِ يَهُمّونَ بالفِرارِ ويرحلونَ..
ماذا تَعني لكِ القدسُ؟
أسألُ نفسـي .. وأتنهّدُ تنهُّدًا طويلًا يهدأُ مِن بعدِه خفـقانُ الفُؤادِ، وشعـرتُ من جديدٍ بحركةِ الزّمانِ ،وانتَصَبَتِ الأفكارُ شامخـةً داخِل َرأسي شموخَ عـَلمٍ ،تلوحُ مثلَ الشّـمـسِ ..
كي أنطِـقَ ثلاثـةَ حروفٍ فقط :أنــا
قرَّبــتُ قلمي منَ الورقةِ حتّى الالتِصاقِ ،ومضَيتُ بالكتابةِ :
ماهيَ الأنــا؟؟
هيَ ليسَت بالضّميرِ العائِــدِ على إنسانٍ ما بِحدِّ ذاتِـه ،وهذا جائزٌ ما دُمتُ إنســانةً غيرَ عاديّةٍ ،لم تُخلَقْ كما خُلِقَ غَيرُها منَ البَشَــر ِ..قد أكونُ الطَّفــرةَ في نَظَرِهم ،لكنّني أراني المعــجِزة.
الأصــلُ واحــدٌ.. إلّا أنّني نفسٌ مُسجّاةٌ بالعظمِ المكسُوِّ لحمًا ،دونَ روحٍ تسكُنُ حُجُراتِهِ ،وإنّما هي خارجَ جسمي بأكملِه..
هي ليستْ بالهارِبةِ أوِ الضائعةِ .. تبحثُ عن صاحبِها الّذي فَقَدتهُ يومًا في حربٍ منْ حروبِ الحياةِ ،بل إنّها مستقِرَّةٌ مِن قبلِ ولادتي في ذاكَ المكان ،كما قدّر الرّحــمن ،تنتظِرُ قُدومي وإبصاري لهذِهِ الـحيـاةِ ،لِتــكونَ ليِ الروحَ الّتي نفخَـها اللهُ في كلِّ إنســانٍ ،فأحيا كما كلِّ حــيّ..
مَن غيرُها القـــــــدسُ.. تَحـنو عليّ حُــنوَّ المُرضِعاتِ؟
بوّابـــةُ السّماءِ- كما يَصِفُها أحدُ الشّعراء…
تنـتَمــي لي.. وأنتمِــي لها مدينةِ الأنبياء
مَن غيرُها مدينةُ السّلامِ تكونُ لي بدايــةَ الحِكايــة؟
بل إنّها لَكــلُّ الحكايـةِ ،وإنّها لَبيــتُ الرّبِّ الّذي تكتملُ فيهِ الأنــا واثقــةَ الخُــطى.
طالبةٌ جامعيّة، محبّةٌ للّغةِ العربيّة ،وفنونِ الأدبِ، وعاشقةٌ للقراءةِ ،أنظمُ الشِّعرَ وأكتبُ النّثرَ، والكتابةُ بالنّسبةِ لي رسالةٌ نؤدّيها، و فنٌّ نُتقنُه بالاطّلاعِ والممارسةِ. مُدقّقةٌ لُغويّةٌ لدى(كتاب صوتي)،و مِن أعضاءِ اللّجنةِ الثّقافيّةِ في قسمِ اللّغةِ العربيّةِ إيمانًا بمقولةِ “لا خيرَ فيمَن عاشَ لِنفسِه”، وأعملُ بمقولةِ “كُنْ أنتَ التغييرَ الذي تريدُ للعالمِ”.