في هدْأة الليل

في هدأة الليل ، وحيث النسيم العليلُ يُنعِشُ كلّ الجوارح ، وحيث تسكنُ ‏وتهدأُ كلُّ مظاهر الضجيج النهاريّ ، يلوح للعقل فرصة التفكير الهادئ ‏البعيد عن الصخَب ، ويلوح للقلب أنْ يستذكرَ لحظاتٍ تُدغدغ المشاعر ‏الحلوة.‏

القلب موجَع مثقَلٌ بالهموم ، ولكنّ خيطَ ضوءٍ رفيع يلوح في آخر النفق، ‏يعطي المهموم بصيصَ أملٍ ، لعلّ القادم أجمل ” وظنّي فيكَ يا ربي جميلُ”.‏

‏في هدأة الليل ، تنظرُ لعصافير البيت الصغار ، ينامون باسترخاء ، بعد ‏نهار طويل أُنهِكوا فيه لكثرة لعِبهم وركضهم وقفزهم وضحكاتهم التي تُطاول ‏عنان السماء، لا يشعرون بهمٍّ و لا يبالون، أكبر غاياتِهم ألعابهم وشقاوتهم ‏ورفاق صداقتهم.‏

‏في هدأة الليل ، تُظهِر لنا جوارحُنا كم نظلمها ونُنْهكُها بأعمالنا ومشاقّنا ‏التي لا تنتهي ، وكأنها لو تقدر على المحاورة اشتكَتْ ، فتبدأُ المتاعب تنحلُّ ‏شيئًا فشيئًا ، ويسري الخدَر اللذيذ في الجسد المُتعَب.‏

‏في هدأة الليل ، نناجي اللهَ العزيز بخجل، نحن نعصيه ليلًا نهارًا ، ثم ‏نُقبلُ عليه نسترضيه ، فنجدُ أبوابَ الرحمات مُشرَعةً على مصاريعها ، كم ‏نُذنبُ وكم يغفر ، فمتى الأوبةُ التي لا رجعةَعنها؟ ومتى التوبة التي لا ‏معصيةَ بعدها؟

‏في هدأة الليل ، يمرُّ شريط الحياة سريعًا أمامَ بصرِنا وبصيرتنا ، ندركُ ‏أين وُفّقْنا وأين أخفقْنا ؟ نعيد ترتيب رفوف الأيام ، والقلب يلهجُ بالدعاء ” يا ‏ربِّ، أوزعْني أنْ أشكرَ نعمتَك التي أنعمْتَ عليَّ وعلى والدَيّ ، وأنْ أعملَ ‏صالحًا ترضاه ، وأدخِلْني برحمتِك في عبادِك الصالحين” ‏

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.