بقلم: إبتهال زيادة
التحقت بقسم الصحافة في الجامعة بحثًا عن تخصص أشبع به جوع روحي للغة، وأضع فيه كل تلك الكلمات التي رغبت برصفها على ورقة بيضاء لترسم أصبوحة أتعلل بها في أيامي العصيبة، الطريق الثاني أصبح الطريق الأول، مسافة المئة ميل بدأت بخطوة وانتهت الأميال التسعة والتسعون وتبقى الميل الأخير، ذاك الذي يشكل المسافة بين الرصيف الذي أقف عليه وبين الذي يقف عليه حلمي البعيد القريب.
نجد ما نحلم به أشبه بالخيالات التي نهرع نحوها متناسين كل آلامنا، نخوض غمار المعركة دونما هوادة، نصدم بجدار الواقع بين فينة وأخرى، لكن نستمر في الهرولة نحو أحلامنا كطفل يركض خلف بائع حلوى، علنا نروي ظمأ أرواحنا وشوقها لرؤية أحلامها واقعاً يؤنسها في الليالي الدامسة، ونخمد نيران أفئدتنا التي أتعبها السير وراء سراب شق شغافها وآلمها مرات ومرات.
أمام مبنى الجامعة وقفت حينها… دخلت بخطوات متزعزعة لا أعلم هل أكمل نحو الداخل أم أعود أدراج الرياح وأضع ما حلمت به يقينًا في مهب الريح، وأجعل من نفسي هشيماً تذروه عواصف الحياة، ترى هل أحني هامتي كقطعة خشب في منتصف المحيط تتقاذفها الأمواج أم أصمد كجبل بين قعر الوديان الموحشة!
تلك اللحظات القليلة كانت كفيلة بجعلي أحمل نفسي على اكمال الطريق، ولكن بخطوات واثقة هذه المرة، لست أنكر على روحي شغفها باللغة العربية، وسعيها نحو الالتحاق بقسم اللغة العربية وآدابها، ولكن لست أتنكر لدرب آخر اختارته هي أيضاً، ربما الحب الأول هو المتمكن دائماً في الفؤاد لكن هناك متسع لغيره.