سيكلوجبة تصميم الرسالة…!‏

  • بواسطة أ.د. أفنان دروزة
  • 6 سنوات ago
  • مختارات
  • 0

كلنا يحب أن تكون رسائله مؤثرة، وكلنا يحب أن تكون رسائله مفهومة من قبل الشخص الذي يستقبلها.  ‏ولكي تكون كذلك، لا بد من أن تتصف بمواصفات معينة سواء عند كتابتها أو لدى تصميم شكلها والقالب الذي ‏ستظهر عليه، وهذا ما يعرف بعلم” سيكلوجية تصميم الرسالة” (‏Message Design‏).  وقبل أن نعرف كيف نرسل ‏رسالة ناجحة، لا بد لنا أن نعرف أولا ما هي الرسالة؟ وما المقصود بعملية الإتصال؟ وما العناصر التي تجعل من ‏عملية الإتصال ممكنة؟  أسئلة إذا ما أجبنا عليها سوف تؤدي بنا إلى معرفة ما إذا كانت رسائلنا التي نرسلها ‏مفهومة ومؤثرة وناجحة.‏

ولنبدأ أولا بسؤال ما هي الرسالة؟

تعرف الرسالة بأنها ترجمة لما يرغب المرسل توصيله إلى المستقبل.  ‏والرسالة قد تكون كلمة مكتوبة، أو مسموعة، أو صورة، أو حركة، أو عبارة، أو إشارة الخ، وبهذا فقد تكون الرسالة ‏ابتسامة تعبر عن الفرح، أو كشرة تعبر عن الغضب، أو صرخة تعبر عن الفزع، أو كلمة تعبر عن الفكرة، أو ‏خارطة تعبر عن الطريق، أو رسم بياني يعبر عن المحصول، أو إيماءة تعبر عن أمر معين، الخ من أشكال ‏الرسائل.‏

الإتصال

أما الإتصال، فتعرف بأنها عملية تبادل المعلومات، وقد تتم بين شخصين، كأن يرسل شخص رسالة إلى ‏شخص آخر، أو بين شخص ومجموعة من الأفراد، كأن يشرح المعلم درسا لمجموعة من الطلاب، أو بين مجموعة ‏ومجموعة أخرى من الأفراد كما يحدث في العلاقات التي تحكم بين الدول والجماعات، أو بين العبد وربه كالإتصال ‏الروحي الذي يحدث عندما يرسل الله الرسل إلى البشر، أو بين الفرد وذاته، كالعمليات النفسية التي تحدث داخل ‏النفس والدماغ عندما يستقبل رسالة، أو يشاهد تلفازا..الخ، فيرسل الدماغ إشارات إلى العضلات ليوجه اهتمامه لما ‏يسمع أو يشاهد.‏

وأيا كان نوع الرسالة التي نرسلها، وأيا كان شكلها ومضمونها، فيجب علينا أن نعرف بأن الرسالة لا تعمل ‏بمفردها، وإنما تحتاج إلى عناصر أخرى مجتمعة لتصل إلى صاحبها بالشكل الصحيح وتحقق هدفها.  هذه العناصر ‏هي:  1) المرسل، وهو الجهة التي ترسل الرسالة، 2) والمستقبل، 3) وهو الجهة التي توجه له الرسالة، 4) وقناة ‏الإتصال، وهي الأداة التي تمر عبرها الرسالة، 5)  والتغذية الراجعة، وهي رد فعل المستقبل للرسالة وإعلام المرسل ‏بهذا الرد.‏

نجاح الرسالة المرسلة

ولكي تنجح الرسالة، لا بد أن يراعي مرسلها مواصفات معينة لدى كتابتها أو إرسالها، ولعل أهم هذه ‏المواصفات:  أن تكون الرسالة قادرة على شد انتباه المستقبل إلى مضمون الرسالة، وأن تستدعي رد فعل المستقبل ‏ومشاركته، وأن ترسل عبر القناة المناسبة، كالراديو مثلا، أو التلفاز، أو البريد الألكتروني، أو الورقة، أو تعابير ‏الوجه أو لغة الجسم الخ، وأن ترسل في الوقت المناسب الذي يضمن استقبالا أفضل للرسالة، كأن ترسل صباحا أو ‏مساء، صيفا أو شتاء، في المناسبات والأعياد الدينية والقومية، أو في الاحتفالات والمهرجانات الخ، وأن تكون ذا ‏هدف واضح ومحدد، وأن تكون مناسبة في مضمونها لمستوى الشخص المرسلة إليه عمرا، وعقلا، وثقافة، ومقاما، ‏الخ.‏

ولا يكفي أن نراعي مثل هذه المواصفات لدى كتابة الرسالة، بل يجب أن تضبط عمليات التشويش التي ‏تحول دون وصول الرسالة إلى مستقبلها بالشكل الصحيح عندما يتدخل نتيجة مثير غير مرغوب، كأن تكون هناك ‏كلمات غير مقصودة، أو تفهم بطريقة خاطئة، أو تكون الرسالة طويلة جدا أو مختصرة جدا، أو يشوش عليها ‏الضوضاء، أو صوت السيارات، أو الصواريخ، أو الثرثرة، أو الفيروسات .. الخ من المشوشات الآلية والنفسية.‏

ومن الأشياء الأخرى التي تحول دون فهم الرسالة كما قصدها المرسل، الحشو اللغوي، والتعقيد، وضعف ‏القواعد والإعراب، والإلتباس في التعبير، وسوء الفهم، وضعف الإدراك الحسي والذكاء، وضعف الإستيعاب، وضعف ‏البصر والسمع، وشرود الذهن وأحلام اليقظة، وصعوبة الأسلوب، وعدم مناسبتها لمستوى المرسل إليه، واضطراب ‏المناخ النفسي كتعكر المزاج، وعوامل ترجع للبيئة المادية، كالمقاعد غير المريحة، والتهوية الرديئة، والإضاءة ‏الضعيفة، والأجهزة القديمة، وشدة الحر صيفا، أو البرد شتاء، كما يحدث عادة لدى طلبة المدارس عندما لا يفهمون ‏الدرس من المعلم نيتيجة لهذه المعيقات.‏

وبالتالي، فإن فهم الرسالة يعتمد على الظروف النفسية، والظروف البيئية الخارجية الفيزيقية لكل من ‏المرسل والمستقبل مع صفاء قناة الإتصال.  وأيا كانت الرسالة التي نرسلها، وأيا كانت قناة الاتصال التي تمر ‏عبرها، فإننا جميعنا نود أن تصل رسالتنا إلى صاحبها بالشكل الصحيح وتحدث الأثر الذي نريده من ورائها، وتحقق ‏الهدف الذي أرسلت من أجله، وتستدعي رد فعل المستقبل بالاتجاه الذي نريد، وذلك لكي نستطيع بالرسائل أن ننقل ‏الفكرة، وننشر الثقافة، ونحدث الإقناع، ونتعارف ونتواصل مع غيرنا من الناس. ‏

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.