كلنا يحب أن تكون رسائله مؤثرة، وكلنا يحب أن تكون رسائله مفهومة من قبل الشخص الذي يستقبلها. ولكي تكون كذلك، لا بد من أن تتصف بمواصفات معينة سواء عند كتابتها أو لدى تصميم شكلها والقالب الذي ستظهر عليه، وهذا ما يعرف بعلم” سيكلوجية تصميم الرسالة” (Message Design). وقبل أن نعرف كيف نرسل رسالة ناجحة، لا بد لنا أن نعرف أولا ما هي الرسالة؟ وما المقصود بعملية الإتصال؟ وما العناصر التي تجعل من عملية الإتصال ممكنة؟ أسئلة إذا ما أجبنا عليها سوف تؤدي بنا إلى معرفة ما إذا كانت رسائلنا التي نرسلها مفهومة ومؤثرة وناجحة.
ولنبدأ أولا بسؤال ما هي الرسالة؟
تعرف الرسالة بأنها ترجمة لما يرغب المرسل توصيله إلى المستقبل. والرسالة قد تكون كلمة مكتوبة، أو مسموعة، أو صورة، أو حركة، أو عبارة، أو إشارة الخ، وبهذا فقد تكون الرسالة ابتسامة تعبر عن الفرح، أو كشرة تعبر عن الغضب، أو صرخة تعبر عن الفزع، أو كلمة تعبر عن الفكرة، أو خارطة تعبر عن الطريق، أو رسم بياني يعبر عن المحصول، أو إيماءة تعبر عن أمر معين، الخ من أشكال الرسائل.
الإتصال
أما الإتصال، فتعرف بأنها عملية تبادل المعلومات، وقد تتم بين شخصين، كأن يرسل شخص رسالة إلى شخص آخر، أو بين شخص ومجموعة من الأفراد، كأن يشرح المعلم درسا لمجموعة من الطلاب، أو بين مجموعة ومجموعة أخرى من الأفراد كما يحدث في العلاقات التي تحكم بين الدول والجماعات، أو بين العبد وربه كالإتصال الروحي الذي يحدث عندما يرسل الله الرسل إلى البشر، أو بين الفرد وذاته، كالعمليات النفسية التي تحدث داخل النفس والدماغ عندما يستقبل رسالة، أو يشاهد تلفازا..الخ، فيرسل الدماغ إشارات إلى العضلات ليوجه اهتمامه لما يسمع أو يشاهد.
وأيا كان نوع الرسالة التي نرسلها، وأيا كان شكلها ومضمونها، فيجب علينا أن نعرف بأن الرسالة لا تعمل بمفردها، وإنما تحتاج إلى عناصر أخرى مجتمعة لتصل إلى صاحبها بالشكل الصحيح وتحقق هدفها. هذه العناصر هي: 1) المرسل، وهو الجهة التي ترسل الرسالة، 2) والمستقبل، 3) وهو الجهة التي توجه له الرسالة، 4) وقناة الإتصال، وهي الأداة التي تمر عبرها الرسالة، 5) والتغذية الراجعة، وهي رد فعل المستقبل للرسالة وإعلام المرسل بهذا الرد.
نجاح الرسالة المرسلة
ولكي تنجح الرسالة، لا بد أن يراعي مرسلها مواصفات معينة لدى كتابتها أو إرسالها، ولعل أهم هذه المواصفات: أن تكون الرسالة قادرة على شد انتباه المستقبل إلى مضمون الرسالة، وأن تستدعي رد فعل المستقبل ومشاركته، وأن ترسل عبر القناة المناسبة، كالراديو مثلا، أو التلفاز، أو البريد الألكتروني، أو الورقة، أو تعابير الوجه أو لغة الجسم الخ، وأن ترسل في الوقت المناسب الذي يضمن استقبالا أفضل للرسالة، كأن ترسل صباحا أو مساء، صيفا أو شتاء، في المناسبات والأعياد الدينية والقومية، أو في الاحتفالات والمهرجانات الخ، وأن تكون ذا هدف واضح ومحدد، وأن تكون مناسبة في مضمونها لمستوى الشخص المرسلة إليه عمرا، وعقلا، وثقافة، ومقاما، الخ.
ولا يكفي أن نراعي مثل هذه المواصفات لدى كتابة الرسالة، بل يجب أن تضبط عمليات التشويش التي تحول دون وصول الرسالة إلى مستقبلها بالشكل الصحيح عندما يتدخل نتيجة مثير غير مرغوب، كأن تكون هناك كلمات غير مقصودة، أو تفهم بطريقة خاطئة، أو تكون الرسالة طويلة جدا أو مختصرة جدا، أو يشوش عليها الضوضاء، أو صوت السيارات، أو الصواريخ، أو الثرثرة، أو الفيروسات .. الخ من المشوشات الآلية والنفسية.
ومن الأشياء الأخرى التي تحول دون فهم الرسالة كما قصدها المرسل، الحشو اللغوي، والتعقيد، وضعف القواعد والإعراب، والإلتباس في التعبير، وسوء الفهم، وضعف الإدراك الحسي والذكاء، وضعف الإستيعاب، وضعف البصر والسمع، وشرود الذهن وأحلام اليقظة، وصعوبة الأسلوب، وعدم مناسبتها لمستوى المرسل إليه، واضطراب المناخ النفسي كتعكر المزاج، وعوامل ترجع للبيئة المادية، كالمقاعد غير المريحة، والتهوية الرديئة، والإضاءة الضعيفة، والأجهزة القديمة، وشدة الحر صيفا، أو البرد شتاء، كما يحدث عادة لدى طلبة المدارس عندما لا يفهمون الدرس من المعلم نيتيجة لهذه المعيقات.
وبالتالي، فإن فهم الرسالة يعتمد على الظروف النفسية، والظروف البيئية الخارجية الفيزيقية لكل من المرسل والمستقبل مع صفاء قناة الإتصال. وأيا كانت الرسالة التي نرسلها، وأيا كانت قناة الاتصال التي تمر عبرها، فإننا جميعنا نود أن تصل رسالتنا إلى صاحبها بالشكل الصحيح وتحدث الأثر الذي نريده من ورائها، وتحقق الهدف الذي أرسلت من أجله، وتستدعي رد فعل المستقبل بالاتجاه الذي نريد، وذلك لكي نستطيع بالرسائل أن ننقل الفكرة، وننشر الثقافة، ونحدث الإقناع، ونتعارف ونتواصل مع غيرنا من الناس.
كاتبة وأديبة، ومحاضرة في قسم أساليب التدريس والدراسات العليا في كلية التربية/ جامعة النجاح الوطنية