ما هو التوحد؟
التوحد هو عجز في النمو يؤثر على مدى إدراك الشخص للعالم من حوله و على قدرته على التواصل مع الآخرين، حيث أن لدى الأشخاص المصابين بالتوحد القدرة على سماع و رؤية العالم من حولهم بشكل مختلف، فإن كنت مصاباً بالتوحد سيبقى التوحد ملازماً لك مدى الحياة، ولكنه لا يعد مرض مزمن لا شفاء منه، ففي بعض الأحيان يشعر المصابون بأن التوحد يشكل جزءاً مهماً من شخصيتهم.
ويعاني المصابون بإضطراب “طيف التوحد” من أعراض و صعوبات متشابهة، لكنّهم يتفاوتون في مدى وكيفية تأثيره عليهم، فبعض المصابين قد يواجهون صعوبات في التعلم أو مشاكل في صحتهم العقلية إلى جانب حالات أخرى، ما يزيد من حاجتهم للدعم بكافة أشكاله، لأنّ وجود الدعم الملائم لهم يساعدهم على التعلم و التطور وعيش حياتهم بشكل طبيعي.
ما مدى شيوع التوحد؟
إنّ مرض التوحد منتشر بشكل أكبر مما يتصور الناس، فإنّ هناك ما يقارب 700,000 شخص مصاب في المملكة المتحدة البريطانية، ما يقارب أكثر من شخص من بين كل مئة، و قد يصاب بهذا الإضطراب أي شخص، لكنه نسبة إصابة الذكور أكثر من الإناث.
كيف يرى المتوحد العالم؟
يقول بعض المصابين بالتوحد أنّ العالم يشعرهم بإرباك كبير و يصيبهم بقلقٍ شديد، فيواجهون صعوبات في تأقلمهم مع الأشخاص الذين يقابلونهم في حياتهم اليومية و مدى فهمهم لهم، سواء في البيت أو المدرسة أو العمل، وإنَه لمن المتوقع أنّ الأفراد الغير مصابين يتواصلون فيما بينهم بشكلٍ جيد، لكنّهم لا يجيدون التواصل مع المصابين بالتوحد وإقامة علاقات وطيدة معهم، مما يدفع المصابين إلى التساؤل حول اختلافهم عن الآخرين وما الذي لا يساعد الأفراد على فهمهم.
ولا يعكس المظهر الخارجي للمصابين بالتوحد على أنّهم من ذوي الإحتياجات الخاصة، فبعض الآباء والأمهات يعتقدون أنّ أولادهم مشاكسون فقط وليسوا مصابين بإضطراب ما، بينما يعتقد بعض البالغين أنّهم ”غير مفهومين”، و يتم الآن تثّقيف الأفراد حول التوحد من خلال حملة Too Much Information”” التي تقام في المملكة المتحدة.
تشخيص المرض
يشخّص إضطراب التوحد فريق متعدد التخصصات يتكون عادةً من معالج نطق و طبيب أطفال و طبيب و/أوعالم نفسي.
أهمية التشخيص
إنّ التشخيص المناسب لإضطراب التوحد في وقت مبكر يساعد المصابين بالتوحد (إلى جانب مساعدة والديهم وشركائهم وزملائهم ومعلميهم وأصدقائهم) على فهم أسباب مواجهتهم لبعض الصعوبات وكيفية مساعدتهم على تخطيها.
كيف يتم تشخيص التوحد؟
الأعراض التي يعاني منها المصاب بالتوحد تختلف من شخص لآخر، لكن حتى يتم تشخيص المرض يتم متابعة فيما إذا كان الفرد يواجه صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة لتكراره حركات متنوعة وإتباع روتين و نشاطات معينة بصورة دائمة منذ سن مبكر، لدرجة قد تعيق و تضعف حيوية حياتهم اليومية.
صعوبات يواجهها المصاب بالتوحد بإستمرار في التواصل و التفاعل الاجتماعي:
التواصل الاجتماعي
يواجه المصابون بالتوحد صعوبات في تفسير وفهم الإتصال اللفظي والغير لفظي كحركات اليد والصوت وإختلاف نغمته، وبعضهم يواجهون صعوبات في فهم اللغة و يعتقدون أنّ الأفراد دائماً يعون تماماً ما يقولونه، فمثلاً يواجهون صعوبة في فهم اختلاف نبرة الصوت والنكات المضحكة وتعابير الوجه، وبعضهم قد لا يتكلم و إذا تكلموا، يتكلمون بصورة مختصرة جداً، و يستطيعون فهم ما يقوله الناس لهم في أغلب الأحيان، بإستثناء فهمهم لبعض المصطلحات المجردة أو الغير واضحة، لكنهم لا يستطيعون التعبيرعن أنفسهم بصورة سليمة، و يفضل بعض المصابين بالتوحد استخدام بدائل عن الحديث المباشر كلغة الإشارات أو الرموز المرئية، فبعضهم قادر على التواصل بشكل جيد دون استخدام الكلمات.
و بعضهم يملك مهارات لغوية جيدة لكن يكررون ما قاله الشخص الآخر ( ما يعرف بالمحاكاة اللفظية أو المصاداة) أو يطيلون الكلام حول ما يثير اهتمامهم عند عدم فهمهم لما يتوقعه الآخرين منهم خلال حديثهم معهم، ومن المحبذ أن يتم الحديث مع المصابين بصورة واضحة و متناسقة وإعطائهم وقت كافي لاستيعاب ما قيل لهم.
التفاعل الاجتماعي
يواجه المصابون عادة صعوبة في فهم مشاعر الأشخاص و مقاصدهم ما يؤدي لمواجهتهم لصعوبات في التفاعل في العالم الاجتماعي، فقد يبدون أنّهم:
- غير حساسين أو لا يشعرون بالآخرين
- يفضلون البقاء وحدهم في الأماكن المكتظة بالناس
- لا يجدون الراحة في التعامل مع الآخرين
- يتصرفون بطريقة غريبة أوغير ملائمة اجتماعياً
- وقد يواجه المصابون بالتوحد صعوبات في تكوين صداقات مع الآخرين، فبعضهم يريد تشكيل صداقات لكن لا يدرون كيف يقومون بذلك.
أنماط مكررة و محدودة تتعلق في السلوك و الاهتمامات والنشاطات
رتابة وسلوكيات متكررة
إنّ المصابين بالتوحد يرون العالم بأنّه مربك و متقلب، فهم يميلون نحو العيش في رتابة دائمة حتى يكونوا على علم بما سيحدث لهم كل يوم، فقد يفضلون المرور من نفس الطريق من وإلى المدرسة أوالعمل وأن يتناولوا نفس نوع الطعام للفطور في كل مرة.
و من الأساليب الجيدة للتعامل مع الأشخاص المصابين بالتوحدهو وضع القواعد لهم، بحيث يصبح من الصعب عليهم التخلف عن إتباع هذه القواعد و إتباع قوانين جديدة، فإنّ المصابين بإضطراب طيف التوحد لا يواجهون صعوبة التأقلم مع التغيير لكن قد يتأقلمون أكثر في حال تم تحضيرهم لهذه التغييرات.
تركيز عالي على إهتمامات معينة
يُظهر بعض المصابين بالتوحد منذ سن مبكرة إهتمامات مركزة و معينة في أمور متنوعة، كالموسيقى أوالفن أوالحاسوب وغيرها ، مع العلم أنّ هذه الإهتمامات قد تتغير مع الوقت و قد تبقى على حالها، وإنّ بعض الأمور التي تثير إهتمامهم قد تكون غير معتادة مثل إهتمام شخص مصاب بجمع القمامة، حيث إذا تم توجيهه مع التشجيع الملائم قد يتحول هذا الإهتمام إلى إهتمام في البيئة و تدوير النفايات.
والكثير من المصابين ترتكز إهتمامتهم نحو الدراسة والعمل المدفوع والتطوعي ومهن أخرى ذات مغزى، و يقولون أنّ تركيز إهتماماتهم في بعض الأمور يشكل جزءا مهما من سعادتهم.
حساسية الإدراك الحسي
قد يمتلك المصابون بإحساس عالٍ أو منخفض للأصوات والأذواق والروائح والأضواء والملمس والألوان والحرارة والألم، فقد تشعرهم بعض الأصوات الخافتة التي بالكاد يسمعها الأشخاص الغير مصابين بالإنزعاج وقد لا يحتملونها، ما قد يؤدي إلى شعورهم بالقلق والألم الجسدي، و إلى جانب ذلك قد ينجذبون نحو الأضواء و الأغراض التي تدور.
أسماء مختلفة لمرض التوحد:
لقد أطلق على إضطراب التوحد عدة أسماء على مر السنين مثل مرض التوحد وحالة واضطراب طيف التوحد والتوحد الكلاسيكي ومتلازمة كانر و التوحد ذو الأداء الوظيفي العالي ومتلازمة أسبرجر وغيرها، ما يعكس إختلاف الوسائل المستخدمة للتشخيص و إختلاف الأعراض التي تصيب المصابين بهذا المرض، و لقد تم إعتماد مصطلح “إضطراب طيف التوحد” الآن بسبب التغييرات التي أجرت على الدليل التشخيصي و الإحصائي للإضرابات النفسية.
الأسباب و العلاج
أسباب الإصابة بالتوحد
السبب الرئيسي للإصابة باضطراب التوحد لا يزال غير مؤكد، لكن الدراسات و الأبحاث حوله تشير إلى أنّ هناك عوامل بيئية وجينية قد تؤدي إلى مشاكل في النمو لكنّه لا يصيب شخص بسبب البيئة الاجتماعية التي نمى فيها.
هل هناك علاج للتوحد؟
لا يوجد علاج للتوحد، لكن هناك العديد من الأساليب و الطرق التي تساعد المصابين على التعلم و التطور ما يجده العديد من الناس مفيداً جداً.
كيف يمكنك المساعدة؟
بإمكانك مساعدة المصابين بالتوحد وعائلاتهم من خلال عمل نشرات توعوية حول التوحد والتبرع من أجل تقديم المساعدة لهم.