غدير الحنبلي: والحصول على الدكتوراه بالمعدل الكامل

كان شغفها بالعلم منذ نعومة أظفارها، فأتمت حفظ كتاب الله وهي في السادسة عشرة من عمرها، وتميّزت في الثانوية العامة وحصلت على معدل 96.2، والتحقت بجامعة النجاح الوطنية لتحقق طموحها في دراسة الكيمياء لتتخرج الأولى على قسمها وتسطر بذلك أولى علامات التميز في حياتها.

لم يقف طموحها عند هذا الحد، فالتحقت ببرنامج الماجستير في جامعتها الأم فكان شغفها وحبها للعلم عوناً لها على تحمل ما أصاب والدتها التي سقطت من الطابق الرابع، وخضعت لأكثر من خمسين عملية جراحية لترميم جسدها المنهك، من ثنايا هذا التحدي ولد إصرار غدير على إكمال دراساتها العليا بتميز وتفوق، شهدت جدران المشفى على ذلك، حيث أتمت كتابة رسالة الماجستيرعلى صوت أنين والدتها، واجتازته بتفوق بمعدل أربعة من أربعة، رغماً عن المعيقات والألم، الخوف والقلق، استكملت غدير طريقها لدراسة الدكتوراه، فسارت وراء هدفها، وغابت عن طفلها الرضيع لشهرين متتاليين، وسافرت إلى ألمانيا في سبيل إعداد أطروحة الدكتوراه في مركز يوليش للأبحاث، فكانت أماً عاملةً وطالبة للدكتوراه، كانت تلك قصة غدير، التي أنجزت أطروحة الدكتوراه في الكيمياء في أجواء كلها إصرار على التميز.

لم تستسلم للرياح العاتية، بل واجهتها بكل إصرار وتحد، حاولت غدير قدر المستطاع أن تنظم وقتها، وكان ذلك على حساب علاقاتها الاجتماعية، نسجت من الصعاب خيوطاً من الأمل، قدمت أطروحة الدكتوراه بعنوان “تقييم وإزالة أثر المعادن الثقيلة بواسطة أنابيب الكربون النانوية المغناطيسية المتعددة الطبقات المضاف إليها وظائف جديدة من المياه الجوفية في أريحا-فلسطين”، حيث ركّزت هذه الدراسة على محاولة إزالة المعادن الثقيلة من آبار أريحا، من خلال رصد التغيرات الموسمية في موسمي الصيف والشتاء لتنقية المياه، واجتازت هذه المرحلة أيضاً بتميّز وبمعدل أربعة من أربعة.

وعلى وقع نبضات جنينها، ورغم اقتراب موعد ولادتها، كانت تسهرالليالي لمتابعة دراستها، وخضعت غدير للامتحان الشامل في تخصصي الكيمياء العضوية والتحليلية، حيث يعتبر ذلك الامتحان خلاصة ما درسته في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.

على الرغم من المنح الخارجية التي توفرت لها، إلا أنها أبت إلا أن تكمل دراستها في جامعتها الأم، لم تكتف غدير بالدراسة فقط، بل أنجزت خمسة عشر بحثاً، منهما اثنان ضمن أطروحتها كمؤلف أول في مجلات ذات معامل تأثير عالٍ.

غدير ورغم ما أنجزته من تفوّق فردي بذكائها وشخصيتها الطموحة، لم تنس كل من ساعدها طوال رحلتها الشاقّة فأرادت أن تقدّم لهم شكرها بكلماتها الخاصة، “وراء نجاحي جنودٌ مجهولة لا بد لي من شكرهم فهذا أقل ما يمكن أن أقدمه لرد جميلهم، زوجي، والدي ووالدتي وأخوتي الذين كانوا دائماً مصدر الدعم الأول لي رغم ما مروا به من ظروف، عائلتي الثانية أهل زوجي الذين بفكرهم الراقي وتشجيعهم الدائم كانوا بمثابة الشعلة التي احتجتها في أشد الأوقات ظلمة، وإلى من وضعوني على الدرب الصحيح إلى من علمني حرفاً أكتب به بحثاً مشرفي في رسالة الدكتوراه أ.د. شحدة جودة، معلمي وقدوتي، وأ.د. عثمان حامد، وأ.د. رولاند بول، وإلى من ذللوا لي كل العقبات لأصعد السلم، عميد كلية العلوم في جامعة النجاح، د. معن اشتيوي، ورئيس قسم الكيمياء، د. نضال زعتر، ومشرف المختبرات، أ. عمير النابلسي والطاقم الفني للمختبرات وجميع دكاترة قسم الكيمياء”.

“ولا يمكن أن أغفل في رحلتي عن أولئك الداعمين الذي شكلوا حجر الأساس لكل طالب/ة لديه الحلم والطموح، فكامل شكري لسلطة المياه الفلسطينية وأخص بالذكر د. صبحي سمحان، وم. حازم كتانة، ومنظمة الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه (MEDRC)، وأكاديمية فلسطين للعلوم والتكنولوجيا، والجسر الألماني الفلسطيني، ومركز يوليش للأبحاث في المانيا، وشكري الحار لإدارة جامعتي الحبيبة جامعة النجاح الوطنية التي منحتني الفرصة للعمل كمدرس غير متفرغ”

اخلاء مسؤولية! هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي جامعة النجاح الوطنية

Facebook Comments
السابق «
التالي »

2 تعليقان

  1. Avatar

    ما شاء الله عنك الله يحميكي ويحفظك من عيون الناس ومنها للأعلى يارب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.